للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حار الفيلسوف في أوربا وأظهر عجزه مع قوة العلم، فأين الدواء؟.

الدواء في الرجوع إلى الدين، فالدين هو الذي كشف الطبيعة الإنسانية وعرفها إلى أربابها في كل زمان، لكنهم يعودون فيجهلونها.

إذن فإن الأزمة في كل الانحرافات إنما هي أزمة الضمير الممزق الذي يستهويه الهروب، ويريحه الخدر، ويسعده النوم.

والدين هو الذي يمنح الفرد مقياسا للحياة يرتفع به عن الاستسلام للذة المجردة، والمتعة المطلقة، وهو مقياس الضمير المستقل، الذي يؤدي وظائفه بناء على إيمان راسخ بالقواعد الثابتة.

وإذا كانت الأديان العالمية توصف دائما بأنها ثورات واسعة، فإن هذه السعة لا تقاس بمدى الأرض التي تغطيها، ولا بعدد الأفراد الذين يعتنقونها، وإنما تقاس سعتها بمدى التغيير الذي في ضمير الفرد، ومدى الانضباط الذي تفرضه على هذا الضمير الذي يتلقى هذا الفرض بثقة وإيمان وتسليم، حيث ينعكس هذا الإيمان على جميع أعماله وتصرفاته.

وحينئذ لا حدود لذلك التغيير الذي تحدثه ثورة الأديان في ضمائر الناس ونفوسهم، لأنها تتناول كل ما تزاوله النفس من شؤونها الظاهرة والباطنة، تتناول الأفكار الواضحة، والهواجس الخفية، كما تتناول العادات والأخلاق وتنظم العرف والقانون كما تنظم الحياة الاجتماعية والدساتير الحكومية، فهي تلحق بكل فرع من فروع التصرفات والوقائع لأنها لحقت قبل ذلك بالأصل الموجه الذي هو "الضمير".

وإذا صلح الضمير، فإن له أثرا مباشرا على جميع تصرفات الإنسان من حيث انسجامها مع ما في هذا الضمير من فكر وعقيدة. ونتكلم عن أثر الضمير الديني في الأفعال، فنقول:

أثر الضمير الديني على التصرفات:

الضمير الديني فعال الأثر في ما يتعلق بربط الفرد بالرقيب الذي لا ينام، وبالعالم الذي لا يجهل، وبالمطلع الذي لا يخفى عليه شيء.