للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليس في الإسلام عداء بين الروح والجسد، وليس للجسد فيه محنة تتحنه بالصراع بين الطيبات المشروعة من متعة الروح والجسد.

وفي ذلك يقول تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [١٧] .

فليس في العقيدة الإسلامية إنسان متصدع يتوزع بين نوازع الروح ونوازع الجسد، وليس فيه ضمير متصدع يتوزع بين الدنيا والآخرة، وليس فيه عالم متصدع يتوزع بين السماء والهاوية، ولا خليقة متصدعة تتوزع بين اللعنة الأبدية أو المغفرة الأبدية.

وفي عقيدته ما يعصم من كل فصام. وليس في عقيدته منفذ لفصام تتسرب منه أدواء النفوس، وكل أدواء النفوس فإنما يرجع إلى الشقاق البعيد في ضمائر مرضى القلوب.

وأن ما يعانيه المدمنون على الخمر والمسكرات إنما هو أزمة ضمير أثقله الخوف فراح ينشد الأمن بالغيبوبة، ومزقته الحيرة فطفق يقتلها بالمخدر، وأضناه التمزق والانفصام فهرب إلى النوم اليقظ.

والدراسات النفسية اليوم ترجع جميع الأمراض النفسية إلى مرض واحد، هو داء الضمير المدخول المنقسم ز وترجع جميع أنواع العلاجات إلى علاج واحد هو علاج الإيمان واليقين.

وهذا الدواء إنما هو عند الدين وليس عند غيره من التشريعات الوضعية، أو العلم. وذلك: لأن العلم وسيلة لما يمكن أو يعرف بعلم، ولا حاجة به إلى ثقة أو تسليم ن وإنما يؤمن الإنسان ليعرف كيف يثق وكيف يبصر مواطن الأمان، ثم يركن إليه ركون العارف الآمن، يقول محمد عبده رحمه الله: "هؤلاء الفلاسفة والعلماء الذين اكتشفوا كثيرا مما يفيد راحة الإنسان أعجزهم أن يكتشفوا طبيعة الإنسان ويعرضوها عليه حتى يعرفها ويعود إليها. هؤلاء الذين صقلوا المعادن حتى كانت من الحديد اللامع المضيء، أفلا يتيسر لهم أن يجلوا ذلك الصدأ الذي غشي الفطرة الإنسانية، ويصقلوا تلك النفوس حتى يعود إليها لمعانها الروحي؟.