وأخوة الدين أحق وأجدر أن يهتم لها، ويصلح ما بين المؤمنين. لأنها أخوة بنص كتاب الله تعالى. والله سبحانه وتعالى هو الذي عقد هذه الأخوة وما عقده الله تبارك وتعالى لا تحله يد بشر. مهما قويت. وسطتن وظلمت. ومن عجيب أمر هذه الآية الكريمة. أنها جاءت وكأنها قررت أمرا واقعا مفروغا منه، لا يرد ولا يصد. فقالت:"إنما المؤمنون إخوة"هذا حكم الله، وهكذا أخبر عن هذا العقد الذي ربطه في السماء بين المؤمنين مهما اختلفت أجناسهم. وتباينت لغاتهم. وتباعدت أقطارهم. وتناءت ديارهم. فهم اخوة، تجمعهم عقيدة خالدة، ورسالة واحدة. وهكذا جاءت الجملة خبرية، تقرر واقعا عظيما وتخبر عنه فقالت:"إنما المؤمنون إخوة"ولم تأت الجملة إنشائية ن إذ لم جاءت الآية إنشائية. لكانت الأخوة غير موجودة. ولكنه عز وجل ربط قلوب المؤمنين برباط واحد، وعقد هذا الرباط. ثم أخبر عن هذه الحقيقة الثابتة الواقعة، وقضى فيها بحكمة فقال:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ثم ثنى بتقرير هذه الحقيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
"المسلم أخو المسلم أحب أو كره" كما قال عليه الصلاة والسلام: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه. ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح إلا بإذنه، ولا يؤذيه بقتار قدره".وفي سنن أبي داود، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤمن مرآة المؤمن. المؤمن أخو المؤمن. يكف عنه ضيقه ويحوطه من ورائه"..
وهكذا فهم الصحابة الكرام هذه الأخوة. وعاشوا فيها ولها، وأصبحوا بفضل الله تعالى إخوانا.. دعوتهم واحدة، وأمرهم واحد.. تقاسموا الحب فيما بينهم، وآثروا إخوانهم على أنفسهم. فقاسموهم الأموال، ووصلوا إلى درجة من الإيثار. أن يقول الصاحب لصاحبه:: هذا مالي جعلته بيني وبينك. وهاتان زوجتاي اختر أيتهما تشاء لتتزوجها أنت [٣٣] .