هذه الآية تدل بظاهرها على أن الله لا يكلم الكفار يوم القيامة لأن قوله تعالى ولا يكلمهم فعل في سياق النفي, وقد تقرر في علم الأصول أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم وسواء كان الفعل متعديا أو لازما على التحقيق خلافا للغزالي القائل بعمومه في المتعدي دون اللازم خلاف الإمام أبي حنيفة رحمه الله في ذلك في حال لا في حقيقة لأنه يقول إن الفعل في سياق النفي ليس صيغة للعوم ولكنه يدل عليه بالالتزام أي لأنه يدل على نفي الحقيقة ونفيها يلزمه نفي جميع أفراده وإيضاح عموم الفعل في سياق النفي أن الفعل ينحل عن مصدر وزمن عند النحويين وعن مصدر وزمن ونسبة عند بعض البلاغيين, فالمصدر داخل في معناه إجماعا فالنفي الداخل على الفعل ينفي المصدر الكامن في الفعل فيؤول إلى معنى النكرة في سياق النفي ومن العجيب أن أبا حنيفة رحمه الله يوافق الجمهور على أن الفعل في سياق النفي أن أكد بمصدر نحو لا شربت تربا مثلا أفاد العموم مع أنه لا يوافق على إفادة النكرة في سياق النفي للعموم. وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الله يكلم الكفار يوم القيامة كقوله تعالى:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} الآية.
والجواب عن هذا بأمرين:
الأول-وهو الحق: أن الكلام الذي نفى الله أنه يكلمهم به هو الكلام الذي فيه خير, وأما التوبيخ والتقريع والإهانة فكلام الله لهم به من جنس عذابه لهم ولم يقصد بالنفي في قوله:{وَلا يُكَلِّمُهُمُ} .
الثاني: أنه لا يكلمهم أصلا وإنما تكلمهم الملائكة بإذنه وأمره.