وقد ورد في ذكر ذلك أن قال الخليفة عبد الملك بن مروان:"أضر بالوليد حبنا له فلم نوجهه إلى البادية"، ولذلك خرج الوليد بن عبد الملك لحانة، وكذلك أخوه محمد، على عكس أخويهما هشام ومسلمة فإنهما كانا فصيحين لأنهما خرجا إلى البادية فتفصحا.
٤-أما في العصر العباسي: فلقد انتظم أمر هذه الكتاتيب بصورة فائقة نظرا لعناية الناس بأمر أولادهم من جهة ولاشتداد الدولة واهتمامها بالتعليم، بعد أن استقر لها الأمر ودانت لها كافة الأقطار. وهنا ظهرت الحركة العلمية الأدبية الدينية الفقهية وبلغت أقصى درجات التقدم والرقي في مجال العلوم الشرعية والإنسانية والعلوم التجريبية وسائر فروع المعرفة.
ويلاحظ بوجه عام أن معلمي الكتاتيب منذ العصر الأموي كانوا منقسمين إلى أربع نوعيات:
أولاهما: معلمو كتاتيب العامة الذين كانوا يهتمون بتعليم أبناء الطبقة المتوسطة وسواد الشعب.
ثانيهما: معلمو أبناء الطبقة العليا من الأمراء والأثرياء، وكان لهؤلاء المعلمين اسم يمتازون به وهو اسم "المؤدبين".
ثالثهما: طبقة كبار المؤدبين الذين امتازوا بسعة اطلاعهم في الثقافة العربية الإسلامية إلى جانب تعمقهم في ضروب العلم والأدب وسائر فروع المعرفة بما يقارب لدينا حاليا أساتذة الجامعات والدراسات العليا. ومن أمثال هؤلاء الأئمة الأعلام: سيبويه والكسائي والأصمعي وغيرهم من طبقة كبار علماء اللغة العربية ومن فقهاء الإسلام الأئمة الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة النعمان.
رابعها: طبقة العلماء الأعراب البداه: الذين ورثوا علم البادية وحفظوا أشعار البادية والقبائل العربية ورعوا أخبارها. وكان هؤلاء لهم ثقافة واسعة في اللغة العربية وكان هؤلاء يطوفون على أصحاب الكتاتيب والمؤدبين وكبار العلماء فيفيدونهم من علمهم ويستفيدون مما عندهم.
أما من حيث التقسيم الفني لهذه الكتاتيب فكانت تنقسم إلى قسمين رئيسيين: