للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما ابن خلدون (١٣٣٢-١٤٠٦م) فحدّث عنه ولا حرج! هذا هو واضع علم الاجتماع بلا مراء.. كيف لا، وهو الذي ساق نظريات علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي لم يسبق إليها! وكان له من نظره الصائب، وفكره الثاقب، ما جعله يستقرئ الظواهر الاجتماعية ذات الأصل الاجتماعي أو النفسي فيصوغ منها نظريات سديدة، دلت على قوة، دلت على عارضته، وأصالة بحثه، ودقة رصده للأحداث والظواهر على مر التاريخ! من هنا كان الرجل حقيقاً بدراسة مستقلة توضح جهده في ركام الجهل أو التجاهل عن تراث العلماء المسلمين وجهودهم الجبارة في صنع الحضارة، ومع اعتراف الغربيين بجهود ابن خلدون في وضع بذور هذا العلم، نراهم يعتبرون أوجست كونت (١٧٩٨-١٨٥٧م) هو المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع عندهم, يليه في ذلك جوستاف لوبون ١٨٤١-١٩٣١م) , ثم جبريل تارد (١٨٤٣-١٩٠٤م) .

علم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي:

هناك فرق بين كل من علم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، ولكل منهما علماء وباحثون, فالأول يدرس المجتمع والثاني يدرس التفاعل بين الفرد والمجتمع, علم الاجتماع يهتم بالمجتمعات من حيث تكرار ظواهرها، وتعدد مؤسساتها وتنظيماتها، وكثرة ما فيها من طبقات أو فئات أو نظم اجتماعية تحكمها قوانين علمية، فهو يبدأ بالمجتمع البشري وينتهي به, أما علم النفس الاجتماعي فهو يلقي الضوء على (الإنسان) من خلال معايشته بمجتمعه، وليس من ناحية انفراده بذاته لأن ذلك مجال علم آخر هو (علم النفس الكلينيكي) أو علم النفس الاجتماعي هي الفرد، مرورا بالمجتمع الذي يعيش فيه، وانتهاء بالنتائج التي يخرج بها منه والآثار التي يؤثر بها فيه. وبالإضافة إلى ذلك يهتم علم النفس الاجتماعي بدراسة الآثار الثقافية الموروثة والمكتسبة للإنسان من حيث هو حلقة في سلسلة حضارية بعيدة الأمد عبر هامات القرون المتباعدة.

جوستاف ليبون وفكرة العقل الجمعي: The group Mind