استطاع جوستاف ليبون (١٨٤١-١٩٣١م) وهو مفكر وكاتب فرنسي مشهور، أن يضع كتابا كاملا ضمّنه أهم آرائه المتميزة في علم النفس الاجتماعي، وهو كتاب (روح الاجتماع) .
وفي هذا الكتاب عرض الكاتب فكرة تجذب انتباه الباحث في دراسته لـ (سيكولوجية الجماعات) . وقد عرفت هذه الفكرة بين الباحثين في علم النفس الاجتماعي بفكرة (العقل الجمعي) . وتتلخص فيما يلي:
- كل جماعة تتكوّن من أفراد، ولكن ليست الجماعة من الناحية النفسية هي المجموع الحسابي لأفرادها, فإنّ التشكيل الجديد الذي يتكوّن أساسا من الأفراد يتميز بخصائص جديدة لا توجد في الفرد الواحد.
- فالجماهير تختص بأن لها (عقلا جمعيا) ، يعتبر أحط في نوعه، وطريقة استجابته للأحداث، من عقول الأفراد الذين تتألف منهم الحشود الكبيرة؛ ذلك لأنهم ينزلون إلى مستوى الصفات المشتركة التي تجمع بينهم جميعا، وهي في الغالب صفات غريزية، أو أقرب ما يكون إليها، فينتج عن ذلك أن يتعطل الذكاء في الجماهير، ويصبحوا محكومين بتصرفات تلقائية هي أكثر شبها بالاستجابات اللاشعورية. لكن لماذا يقلّ الشعور الفردي بالمسؤولية؟
الجواب على ذلك: أنّ الفرد عندما يرى نفسه في جماعة يشعر بمزيد من القوة لوجوده وسط هذه الجماعة, ويترتب على ذلك عجزه عن ضبط نزعاته، بل إنّ ذلك يتيح له الفرصة للتنفيس عن رغباته ومكبوتاته، فتراه يصيح بأعلى صوته، وأحيانا بكلام غير مفهوم، أو غير مقنع، وتراه يقفز في حركات هستيرية، وينفلت عياره –كما يقلون- بهتافات عدائية, وقد يصاحب ذلك كله عمل تخريبي يعتبر مكملا للثورة الانفعالية التي تفجرت في داخل النفس وخارجها.
هذا العقل الجمعي إذن:-
أ _ يتميز بالانطلاق وعدم المبالاة بالعواقب.
ب _ يتميز بعدم القدرة على ضبط الانفعالات.
ج _ يتميز بفقدان الشعور بالمسؤولية، بصورة مؤقتة، بدليل أن المرء يندم بعد ذلك على ما اجترحه من مخالفات.