للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدم في مناقب قريش أن عمرو بن لحي هو الذي حمل العرب على عبادة الأصنام" [١٥] قلت: وهكذا سائر الأصنام التي عبدت من دون الله تعالى كانت هي علامات وشعائر فقط، وإنما العبادة كانت لمسمياتها كما روى لك حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد عرف الإمام ابن الأثير - وهو إمام في اللغة - الصنم بقوله: "قد تكرّر فيه الصنم والأصنام: وهو ما اتخذ إلها من دون الله تعالى، وقيل: هو ما كان له جسم أو صورة، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن" [١٦] قلت: فعلى هذا التعريف تدخل فيه القبور وغيرها التي تعبد من دون الله تعالى، وإن كانت عبارتها راجعة إلى الشيطان لا إلى أصحابها إلا إذا كانوا راضين بها في حياتهم فهؤلاء هم الطواغيت. وقد أوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم اللعن على الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد, سداً للذرائع, وقطعا لوشيجة الشرك. ومن الجهل الواضح أن يقال لإنسان يدعو غير الله تعالى في أمر لا مجال للمخلوق ولا قدرة له على إنجازة ثم يكون هذا الداعي لغير الله تعالى والمستغيث بسواه موحدا ومؤمنا في نظره, كما زعم النبهاني في كتابه (شواهد الحق) . نعم يجب على المسلم أن يفكر في هذه الآية الكريمة, وما في معناها, وفي سياقها البليغ الفصيح الذي لا قدرة للإنسان مطلقا أن يأتي بشيء من هذا الأسلوب البلاغي الحكيم, إذ يقول جل وعلا {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} فاستعمل جل وعلا في هذا السياق المبارك لفظة (مَنْ) وهي تستعمل لذوي العقول عند جميع أهل اللغة, ما عدا النبهاني ومن سار على نهجه في الضلالة؛ فإنه خالف اللغة العربية وقواعدها, ولقد سبق أن خالف السنة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام, وخالف نص القرآن الكريم، وظاهره، ومنطوقه، ومفهومه، ولو لم يكن كما ذكر, فكيف ارتضى لنفسه أن