ولقد رأيت كثيرا من المصلحين في هذا العصر يعتمدون فقط على الخطب الحماسية كعلاج لأدواء هذا المجتمع، وكثيرا ما يذهب أحدهم وتذهب كلماته أدراج الرياح، وتبقى حالة الناس كما هي.. وما زال الخطباء يخطبون منذ انهيار الدولة الإسلامية وتفكك أوصالها، فهل أفلح الخطباء في تربية جيل مثالي، أو استطاعوا إعداد كتائب إسلامية مجاهدة؟ بينما نجد دعوات باطلة عقديا وسياسيا قد حالفها الحظ، وتمت لها السلطة والتحكم في رقاب الصالحين بفضل التنظيم وقوة العتاد.
إن الدعاة هم أطباء هذه الإنسانية المعذبة، والطبيب البارع هو الذي يعرف مواطن الداء وكيفية استئصاله، وقد يضطر لتنويع الدواء، فيقدم هذا ويؤخر هذا، لما يترتب عليه من تأخر برء أو نحو ذلك. فالشيوعية والقومية والوجودية وغيرها يجب على الداعية أن يحيط بها علما حتى يكشف زيفها على ضوء الإسلام.. ومن عرف سلاح عدوه عرف مواطن ضعفه وإصابة مقاتلة. فالخطب ليست العلاج العملي لمشاكلنا المعاصرة، وإنما يجب أن يسبقها نظام ومنهج تربية ينظم الشباب والناشئة، كما تفعل اليوم الأندية الرياضية، ويعني بمتطلباتهم وحصانتهم لئلا يعيشوا في فراغ اجتماعي، وحياة متناقضة بين القول والتطبيق.
وإذا علمنا ضرورة الإيمان العميق والتنظيم الدقيق كشرط أساسي لصد هذه الأفكار الفاسدة المستوردة، فإنه يتحتم على المنظمات الإسلامية أيا كانت أن تتعاون وتتحد، وهي تصارع هذه الجاهلية على طول الجبهة الممتدة من المحيط إلى المحيط ما دام الهدف والمقصد هو إرضاء الله عز وجل.
إن الحركات الإسلامية تواجه اليوم عدوا مشتركا متعددة وسائلة وفنونه، وما لم تتحد هذه الجماعات وتتعاون فستظل متناثرة حتى يسهل التهامها الواحدة تلو الأخرى، خاصة إذا كانت من بلد واحد، ومما يذكر أنه لأن يجتمع الناس على ضعف في الرأي خير من أن يتفرقوا على صواب فيه.