للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء الرسول عليه الصلاة والسلام بدعوته التي أساسها التوحيد في العبادة واقتلاع الشرك من جذوره, فلا يبقى على شيء منه ولا من رسومه المتداعية، ولا يتسامح في هيكل من هياكله الواهية {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} , ولكن القوم كانوا أعداء ما خفي عليهم وإن كان سعادة ونعيما, أحباء ما ألفوا وإن كان شقاوة وجحيما، فأعدّوا العدة ليصدوا عن سبيل الله، وجندوا كل ما استطاعوا من قوة وبطش، ودهاء وغدر, وقابل الرسول صلى الله عليه وسلم كل ذلك بثبات جنانه، وصحة عزمه، وصدق يقينه, وصبر على كيدهم وأذاهم, فكان ذلك آية كبرى على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام أمام تكتلهم وصلفهم, فليس هناك من يقوم بمثل ما قام به, ثم يقابل بما قوبل به من العنت والأهوال الشدائد، ويبقى بعد ذلك أمينا على عهده, وفيا لدينه, حتى يظهره الله على الدين كله؛ لأنه نبي مؤيد بشديد القوى, وكتابه تنزيل من حكيم حميد, ممن خلق الأرض والسماوات العلى.

ولم يكن المشركون على بصيرة من إشراكهم, ولا على معرفة بعقائدهم, وإنما كانوا مقلدين لآبائهم, فأخذ الرسول عليه الصلاة والسلام يسفِّه أحلامهم, ويحقر آراءهم, ويعيب تقليدهم, مخاطبا إياهم بقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} [١]