للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان المعلّم النحوي الشيخ "الفراء"يقوم بتعليم ولدَيْ الخليفة العباسي المأمون علوم العربية، وذات يوم أراد "الفراء"أن يقوم من درسه، فتسابق الأميران إلى حذائه ليقدِّماه إليه وتنازعا على ذلك لحظة، ثم اتفقا على أن يحمل كل منهما من الحذاء واحدة, ولما علم الخليفة الوالد "المأمون"بالقصة تأثر منها وأعجب بها.

أما اليوم: فإنّ من الطلاب من ينسى حق أستاذه وهو بين يديه يغترف من علمه وفضله، فكيف به إذا بعد عنه وتخرَّج وعمل في ميدان تخصصه, كما أنّ بعض المدرّسين وهم قلة لا يؤدون حق تلاميذهم عليهم, ولا يبذلون الجهد المطلوب في سبيل تعليمهم وتربيتهم ومعالجة مشكلاتهم.

حقاً لقد ضعفت الرابطة بين التلميذ وأستاذه في عالمنا المعاصر، وضعفت العلاقة بينهما في بعض الأحيان ضعفاً يندر بأخطر العواقب؛ إذ بدا الطالب يسرف في الاعتزاز بشخصيته، وقد يعلو صوته على أستاذه أو يخشى في تعبيره معه، أو أن يضع ساقاً على ساق في وجهه أو يصرِّح أمامه في جرأة بما لا يليق التصريح به، ومن الطلاب من يتجرأ فيعصي أمر أستاذه.

فأين هذا مما قاله الشاعر شوقي في فضل المعلم:

كاد المعلّم أن يكون رسولا

قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا

يبني وينشئ أنفساً وعقولاً

أرأيت أعظم أوأجلَّ من الذي

وفي تقدير المعلم:

علّمت بالقلم القرون الأولى

سبحانك اللهم خير معلّم

وهديته النور المبين سبيلا

أخرجت هذا العلم من ظلماته

وكما ورد في قوله تعالى جلت قدرته وفي فضل العلم: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} .

وقوله عز وجل لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} .