والضرر الثاني أنه لو توصل أحد المشرعين أو الحكماء المربين إلى أساليب أخرى قد تكون أنفع لتحقيق هذه الأغراض الاجتماعية أو التنظيمية أو الطبية لاستغنى كثير من الذين آمنوا بهذه الفوائد عن الأركان والعبادات الشرعية، وتمسكوا بهذه الأساليب أو التجارب الجديدة، وبذلك يكون الدين دائما معرضاً للخطر ولعبة للعابثين والمحرفين.
وهذا لا ينافي الغوص في أعماق هذه الأركان والأحكام والحقائق الدينية، والكشف عن أسرارها وفوائدها الاجتماعية، وقد أفاض علماء الإسلام قديماً وحديثاً في بيان مقاصد الشريعة الإسلامية وأسرار العبادات والفرائض والأحكام الشرعية، وألفوا كتباً مستقلة وكتبوا بحوثاً جليلة، كالغزالي والخطابي وعز الدين بن عبد السلام وابن القيم الجوزية، وأحمد بن عبد الرحيم الدهلوي ولكن كل ذلك من غير تحريف لحقيقة هذه العبادات والأحكام والغاية الأولى التي شرعت لها، وهي امتثال الأمر الإلهي، والتقرب إليه بذلك والإيمان والاحتساب فيها ومن غير إخضاع لها للفلسفات العجمية أو الأجنبية في عصرهم ومن غير خضوع بسحرها وبريقها.