وهنا أنقل إليكم قطعة من كتابنا)) رجال الفكر والدعوة في الإسلام ((والمؤلف يتحدث عن الإمام أحمد بن حنبل وزهده.
وقد رأينا الزهد والتجديد مترافقين في تاريخ الإسلام، فلا نعرف أحداً ممن قلب التيار وغير مجرى التاريخ ونفخ روحاً جديدة في المجتمع الإسلامي أو فتح عهداً جديدا في تاريخ الإسلام، وخلف تراثاً خالداً في العلم والفكر والدين، وظل قروناً يؤثر في الأفكار والآراء، ويسيطر على العلم والأدب إلا وله نزعة في الزهد، وتغلب على الشهوات، وسيطرة على المادة ورجالها ولعل السر في ذلك أن الزهد يكسب الإنسان قوة المقاومة، والاعتداد بالشخصية والعقيدة، والاستهانة برجال المادة وبصرعى الشهوات، وأسرى المعدة، ولذلك ترى كثيراً من العبقريين والنوابغ في الأمم، كانوا زهاداً في الحياة، متمردين على الشهوات، وبعيدين على الملوك والأمراء والأغنياء في زمانهم، ولأن الزهد يثير في النفس كوامن القوة، يشعل المواهب، ويلهب الروح، وبالعكس إن الدعة والرخاوة تبلد الحس وتنيم النفس وتميت القلب.