للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن عقلية الإنسان هي نتاج تشكله عوامل كثيرة تختلف من شعب لآخر، ومن بيئة لأخرى ومن فرد لفرد.

هذه الفروق الجنسية والفردية على مستوى الشعوب والأفراد أصبحت أساسا مقررا وحقيقة مسلمة لدى علماء النفس والاجتماع وخبراء التربية، وقد اعتمدت عليها نظم التعليم في كل الدنيا، وآن لنا أن نستفيد منها في مجال الدعوة الذي رأينا كيف أسسه القرآن الكريم على أساس الفهم المشترك العميق بين الداعي والمدعو، ليتم الاتصال الذي يحقق الغاية كاملة.

لابد للدعوة من توافر هذين الأمرين ـ

التمويل الكافي

والجهاز المقتدر

ويبقى بعد توافر هذين العاملين شرط إذا لم يتوافر هو الآخر ضاعت الآمال المعلقة بالدعوة، وتبخرت الأهداف المنوط بها تحقيقها.

وهذا الشرط يتمثل في توفير مناخ صالح تنطلق فيه الدعوة إلى الله خالصة من كل قيد، متجردة من كل غاية إلا غاية وحيدة هي ـ هداية الخلق إلى صراط الله مستقيم، ومعناه ـ أن ترفع عن أجهزة الدعوة في كل بلاد المسلمين أثقال أجهزة السلطة التي تمنعها حرية الكلمة، وتوجهها في كثير من الأحيان لتتحول من دعوة إلى الله، إلى بوق من أبواق الدعاية أو وسيلة من وسائل الإعلام، أو تجمد حركتها بحيث تصبح مجرد وظيفة اجتماعية تتيح لصاحبها موردا للرزق يصبح الحصول عليه هو الغاية الأخيرة.

تمويل الدعوة، جهازها، مناخها - هذه الثلاثة هي الميادين التي يجب البحث فيها عن مشكلاتها، والتي يمكن معالجة هذه المشكلات في نطاقها أيضاً.

ولنتناول بإيجاز مشكلات كل ميدان من الثلاثة مقترحين ما نراه من علاج ملائم..

أولا: تمويل الدعوة ـ وقد آثرنا البدء به، لأنه يمثل عنق الزجاجة، ويعتبر الصخرة التي تؤسس للبناء أو تصطدم بها وتتحطم عليها الجهود.