للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الإسلام ليس ملكا لنا، وإنما هو أمانة الله في أعناقنا، ومن الوفاء بالأمانة أن تودى إلى من هو أقدر على القيام بها والحفاظ عليها، وهو مغزى قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع ـ " ليبلغ الشاهد الغائب " ـ رواه البخاري ـ وقوله ـ " رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " ـ رواه الترمذي وحسنه ـ

لقد انتشر الإسلام في إفريقيا وآسيا على أيدي التجار المسلمين بأكثر مما انتشر على أيدي الدعاة الرسميين، ذلك أن - الاحتساب - غير - الاحتراف - وليس من قبيل المصادفة أن يكون هذا القول الكريم {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} شعارا مشتركا بين رسل الله أجمعين.

نحن بحاجة إلى تأمل المغزى العميق وراء هذا الشعار لنصل إلى معادلة صحيحة نحل بها مشكلة الدعوة العويصة في عالمنا وهي كيف نوفق بين كون الدعاة غاية يجب التجرد لها والتضحية في سبيلها، وبين كونها مصدرا ضروريا لرزق من تناط بهم وظائفها في عالم أصبح توزيع العمل والتخصص في المعرفة سمة من سماته؟..

كم من - الدعاة - يبشرون اليوم بالإسلام على سطح هذا الكوكب الذي نعيش فيه؟ لو تصورنا أن مليون من البشر يكفيهم داعية واحد ـ وهو فرض أقرب إلى الخيال ـ لكان العدد المطلوب من - الدعاة - بضعة آلاف داعية فهل نستطيع أن نحصي على مستوى العالم غير الإسلامي كله أكثر من بضع عشرات؟ تلك حقيقة يجب أن نذكرها وأن نذكر بها..

هذه مشكلة - الدعوة - وجهازها من حيث عدد - الدعاة - وهم العنصر الأساسي فيها. فإذا انتقلنا إلى مشكلة الدعوة من حيث نوعية الدعاة صدمنا الواقع صدمة قاسية ـ إن مستوى الداعية في أحسن حالاته اليوم لا يفي على الإطلاق بحاجة من يدعوهم.