إن حرية الدعوة يقابلها الالتزام بهذا الأدب الإلهي الذي سنه الله تعالى لإمام الدعوة صلوات الله وسلامه عليه.
حرية الدعوة والتزامها على هذا النحو هي الصيغة الوحيدة التي يمكن على أساسها حل المشكلة الأساسية التي تعاني منها - الدعوة الإسلامية - في كثير من البلدان، وهي مشكلة كونها تابعة للحكومات والسلطات.
والمشكلة هنا ذات أبعاد يجب تأملها ليمكن تصورها على نحو صحيح.
ماذا تعني تبعية أجهزة الدعوة في بلد ما للحكومة المسؤولة فيه؟
تعني أولاً: أن ينسحب منطق الوظيفة على هذا الجهاز.. فالعاملون فيه موظفون تحدد عليهم واجبات، وتقرر لهم حقوق، ويخضعون لنظام من التوجيه والرقابة تشبه إلى حد كبير ما يسود مجالات الحياة الأخرى، كما يتعرضون لنظام العقاب والثواب أسوة بغيرهم من موظفي الدولة هنا وهناك.
هذا الإطار الوظيفي إن صلح لأي مجال آخر في الحياة فهو في مجال الدعوة غير صالح على الإطلاق، فالدعوة إنما تقوم أٍساساً على الالتزام أمام الله وليس على الالتزام من جانب السلطات كائنة ما كانت.
ونظام الرقابة في هذا المجال لا يمكن أن يأتي من خارج الإنسان، وإنما يجب أن يتولد من داخله خلال عملية الإعداد والتربية والتكوين.