للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن ضمير الداعية يجب أن يكون الفيصل في مسألة الرقابة وما يتصل بها وحاجة الدعاة إلى رقابة خارجية معناه: فشل إعدادهم وتربيتهم من ناحية، وعدم صلاحيتهم لمهمتهم من ناحية أخرى، وخير للدعوة ـ ألف مرة ـ أن ينحى عن مجالها كل من يحتاج لرقابة خارجية من بقائه في ساحتها.

وتعني ثانياً: إحساس جهاز الدعوة التابع بأن مصيره وقدره مرتبط بطاعته لأولي الأمر، وأن مخالفته إياهم ـ ولو كان فيها إرضاء الله ـ يعرض حياته وحياة من يعولهم لخطر يتصل بمصدر رزقهم.

هذا الإحساس يهدهد من شجاعة الدعاة في الجهر بكلمة الحق، وينمي، بالتدريج روح الهوينى ويبرر الخمول والكسل، حتى ينتهي الأمر إلى أداء شكلي هزيل ...

وتعني ثالثاً: أن يدخل - الدعاة - في معركة المطالبة بتحسين الأوضاع، فهم جزء من جهاز الدولة يتأثر بما حوله، ودخول الدعاة في هذا الجو مشغلة من جهة تصرفهم عن وجهتهم، وتبدد الكثير من طاقاتهم، ومن جهة أخرى ينال من صورتهم ـ كمثل وقدوة ـ في أنظار الناس، وعلى هذه الصورة يتوقف الكثير من استجابة الناس لهم ورفضهم إياهم.

وتعني رابعاً: أن على جهاز الدعوة أن يختار أحد طريقين: إما أن يساير ما يجري في مجتمعه ما دامت القائمة تقره، وإما أن يقول كلمة الحق معلناً أن السلطات تخالف حكم الله في هذا الذي أقرته، هذا الصراع النفسي داخل الداعية موجود مستمر طالما ظل هناك انفصال بين مواقف الحكام في التشريع والتطبيق وتنظيم الحياة، وبين توجيه الإسلام.

والحق أن هذه المشكلة من أعقد مشكلات الدعوة.

فتبعية الدعوة للحكومات تضمن لها وللقائمين عليها مواد يصعب تدبيره عن طريق آخر ومعناه: أن قطع هذه التبعية يقتلها قتلاً!

واستمرار هذه التبعية يعرض الدعوة في كثير من الأحيان لضغوط تشل فاعليتها وتفرغها من مضمونها!

والحل في نظرنا يمكن تحقيقه على النحو التالي: