للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإني لهذا المسكين، الذي سُيّب دون معين، أن يصمد لألوان المغريات التي أعدت لاصطياده منذ الخطوة الأولى.. إذ كان عليه، من أجل إتقان لغة القوم، أن يتخذ سكنه في أسرة لا يسمع ولا يرى فيها إلا ما يخالف مقومات دينه، ثم تأتي الرحلات والحفلات والشهوات.. فلا تبقى من ميراثه النفسي نقيرا ولا قطميرا..

فكيف إذا تذكرنا أن هذا الشباب هو الذي يتولى وسيتولى قيادة المجتمع وتكييفه على الوجه الذي لا يؤمن بغيره!..

من هنا فابدأوا:

تلك صورة مصغرة من وقائع كبيرة لا يجهلها أحد مهتم بشؤون المسلمين، ويعنى بالدعوة إلى الإسلام.. ولابد أن كلا منا قد سأل نفسه بإزائها أكثر من مرة: إذا كان هذا هو واقع المسلمين في بلاد الإسلام، فكيف يتاح لداع إلى هذا الدين أن يقنع به الآخرين؟..

إن أولى الحقائق التي يلتزم الداعي إلى الإسلام عرضها لغير المسلم، بعد كلمة التوحيد، هي إقناعه بأن الإسلام هو النظام الكامل الذي اصطفاه الله لعباده من أجل هدايتهم إلى التي هي أقوم في دنياهم وآخرتهم، ففيه أصول الحياة السعيدة لكل ما تتطلبه فطرة الإنسان من الحكم الرشيد، والآداب العاصمة، والقوانين الضابطة لمسيرة البشرية، أفراد وجماعات وحكومات في الطريق الذي لاعوج له.

بلى.. ذلك ما يفعله كل داع أوتي العلم والحكمة.. ولكن ما محصول دعوته حين يسمع مدعويه يتحدونها بمثل قولهم: إذا كان هذا هو الإسلام حقا.. فما بال دول المسلمين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، فيقاطعون تشريعاته القويمة، ليأخذوا بقوانيننا المضطربة، وما بالهم يرفضون أنظمته الاجتماعية، في المرأة والتربية والتعليم، ليلهثوا في أثر مجتمعاتنا، التي فقدت الرؤية السليمة، فراحت تتخبط في المجاهل دون هاد ولا دليل!..