لقد استحكمت مرحلة الضياع في حياة المسلمين منذ رضي مسؤلوهم بالتخلي عن سياسة الإسلام في الأموال والدماء وأساليب الحكم، ولما ألفوا البعد عن مهيع الشريعة الآلهية تقدم بعضهم مرحلة أخرى فأعلنوا الثورة بكل الخصائص التي تميز المجتمعات الإسلامية وها هم أولاء يصرحون في كل مناسبة بأنهم يريدون تفكيك البنية الاجتماعية لشعوبهم وتحويلها إلى أوضاع مغايرة تماما.. أوضاع يستمدون مخططاتها طبقا من كل مكان وكل نظام إلا الإسلام..
هكذا يتحول هذا الإسلام في ظل هذه العقليات الغربية إلى شيء آخر يمكن إعطاؤه أي اسم إلا الإسلام.
إن إلغاء القوانين الشرعية في معظم العالم الإسلامي قد جرده من كل الحصانات التي تحقق له الأمن، إذ زجه في المتاهات نفسها التي يتخبط فيها العالم الجاهلي من حوله.. وإنشاء الفتاة المسلمة على غير الإسلام قد عطل كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المحددة لسلوكها، والحافظة لسلامتها وكرامتها، وبهذا وذاك يستحيل كتاب الله بين المسلمين لونا من الصحف الأثرية، إذا قرئت، وقلما تقرأ، فللذكرى أو للتسلي وربما للتبرك على أفضل الاحتمالات.. تماما كما حدث للإنجيل من قبل، إذ أصبح معزولا عن حياة النصارى، حتى لا يكادون يعرفون عنه شيئا، كما يقول المستشرق المبشر بيير ضودج في كتابه (الإسلام بنظر الغرب) ـ ص٤٣ـ.
وإزاء مثل هذا الوضع لا يستغرب القول بأن كل الدلائل تؤكد أن الإسلام في مناطقه هذه مهدد بالزوال خلال سنين.. إذا لم تقيَّض له قوة ترد عليه اعتباره، وتمكن المسلمين أن يمارسوه في أحكامهم ومعاملاتهم وإعلامهم وسلوكهم، في بحبوحة من الحرية لا يهددها عسف ولا إرهاب.
وأمام هذا الواقع المنظور الملموس لا يعذر المفكر المسلم إذا لم يقل لدعاة الإسلام: من هنا، من مناطقكم المحسوبة على الإسلام فابدءوا بالدعوة إلى الإسلام.