أما الأولى فإن مساءلة إخوانه له، ومباحثتهم إياه، ومحاولته التفهيم والشرح كل أولئك يحمله على أن يدقق النظر ويعمق الفهم، وينبهه لأمور لم تكن لتخطر له على بال، ومن الأقوال المشهورة بين رجال التعليم: إذا أردت أن تتعلم شيئا فحاول أن تعلمه غيرك من الناس".
وأما الفائدة الثانية فإن الدراسة الجماعية تدرب الطالب القوي على أن يعبر عما علم وفهم بطلاقة لسان وحسن بيان، وهذا ليس بالشيء القليل الهيّن، فكثير من الطلاب يقرءون ويفهمون، ولكنهم إذا طولبوا أن يفحصوا عما فهموا تلعثم اللسان واضطرب البيان.
والثالثة أنها تمكن لمعلومات الطالب القوي في ذهنه، وبذلك تخفف عنه عبء المراجعة في آخر العام.
ويشترط لنجاح الدراسة الجماعية أن يتفق أفرادها من قبل أن يبدءوا بها أن يتفقوا على ما يسمى بورقة عمل، فإن لم يكن ورقة عمل يسيرون عليها فلا خير يرجى من تلك الدراسة.
على أن الدراسة الجماعية لا تصلح إلا في أول العام الدراسي، حين يكون المقروء قليلا والوقت طويلا.
تلميذي العزيز:
لا أدري أين تدرس؟ ولا أين تطيب لك الدراسة؟ غير أني أنصح لك أن يكون مكان دراستك بعيدا عن كل ما يشرد بذهنك، ويطير بعواطفك وفكرك، أن يكون خاليا من "الراديو"ومن "التليفزيون"ومن المجلات المصورة وغير المصورة ومن الصحف اليومية وغير اليومية.
ولتعلم أن أشد الناس عداوة لوقتك واعتداء عليه أصدقاؤك وزملاؤك وأقاربك، هؤلاء الذين يزورونك بلا موعد ولا حساب، ويشغلونك عن دراستك بأحاديث فارغة وأمور تافهة.
فاختر لدراستك مكانا يأبى على هؤلاء وأمثالهم أن يغيروا عليه ليلا أو نهارا، وإقبالا وإدبارا.