وجب نتيجة لهاتين العقيدتين المستقرتين في النفس المؤمنة أن تظهر آثارهما، وأن تترتب عليهما نتائجهما بأن تكون العبادة المطلقة والخضوع المطلق لهذا الإله القوي القادر الواحد الأحد، بالطريقة التي يرسمها عن طريق هؤلاء الرسل المصطفين فقال سبحانه.
وقد تضمنت الآية الكريمة بعد ذلك أوامر أربعة، كل منها يعتبر أساسا ودعامة لهذا الدين المتين.
وقد أحاطت الأوامر الأربعة بأنواع التكليف.
منها أمران ينظمان العلاقة بين العبد وربه، وهي أساس الإيمان الصادق، والأمران الآخران يتعدى أثرهما ذلك إلى الناس، فينظمان العلاقة بين أفراد المجتمع لتتكون أمة فاضلة، تعمل لغاية، وتقصد لهدف، وهو تحقيق السعادة في هذه الحياة، وجعلها طريقا موصلا إلى الحياة، وجعلها طريقا موصلا إلى حياة أسعد، فيها الخلود الدائم، والنعيم المقيم.
أما الأمران اللذان ينظمان العلاقة بين العبد وربه فأولهما قوله سبحانه {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} والمقصود بذلك صلوا وإنما عبر عن الصلاة بالركوع والسجود لأنهما أشرف أركانها، وليس هناك ركوع ولا سجود في غير الصلاة، والصلاة مناجاة بين العبد وربه، ترك للترابية المادية وتحليق بالنفس إلى عالم الروحانية المطلقة. ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام:
"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".
ولقد تكرر الأمر بإقامة الصلاة والمحافظة عليها في غير ما آية من كتاب الله تنويها بشأنها، وتعريفا بفضلها.