للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فارقا بين المسلم والكافر، حيث يقول: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". أخرجه مسلم.

وفي قوله عليه الصلاة والسلام:

"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي.

وهذا التشديد من الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه في أمر الصلاة ليس غريبا فهي عماد الدين، وهي أساس الصلة بين العبد وربه، فمن تركها جاحدا لها فقد كذّب الله ورسوله وخرج بذلك من نطاق المسلمين.

أما من تركها كسلا وتهاونا فيخشى عليه من سوء الخاتمة، فقد جعل سبحانه الصلاة سببا في الاستقامة والبعد عن مواطن الزلل حيث يقول سبحانه: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} والصلاة وإن كانت أهم مظاهر العبادة والخضوع المطلق للمعبود إلا أن هناك أنواعا أخرى من العبادة لا يجوز أن تهمل. فهناك الصدقة والحج والدعاء إلى غير ذلك من أنواع التقرب إلى الله سبحانه. ولذلك جعل هذا العموم في الأمر الثاني بقوله: {وَاعْبُدُوا رَبَّكُم} .

وأصل العبودية الخضوع والذل، والتعبيد التذليل، ومنه طريق معبد أي مذلل، والخضوع المطلق والذلة الكاملة لا تكون لغير المنعم بأصل الحياة، وبجليل النعم ودقيقها فلتخضعوا له، ولتتقربوا إليه بكل ما يشرعه لكم من أوجه القرب، وأنواع العبادة، فهذا تعميم بعد تخصيص، فالصلاة المذكورة أولا داخلة في عموم الأمر بالعبادة، فكأن الأمر بها جاء مرتين.

أما الأمران اللذان يتعدى أثرهما ذلك إلى الناس فأولهما قوله سبحانه: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .