إن المعصية في ذاتها شيء لابد أن يكون، فالعصمة لرسل الله وأنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم، ولكن الذي لا يجوز أن يكون، هو أن تستمر المعصية حتى تشقي صاحبها، وأنواعها شتى لا يحيطها حصر، لكنها جميعها تقع بين دفتي معصيتين، إحداها كبراها وهي التي تلبس صاحبها الكفر عندما يأبى الاعتراف بموجده سبحانه، والثانية صغراها وهي مقترفة اللمم، وهذه سنفصل أمرها بعد إن شاء الله، حيث هي للمسلم الذي تقع منه صغائر وكبائر، أما الكافر فلا صغائر له ولا كبائر، فقد انضوى كل قبحه تحت ذروة ظلمه {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} ، أي لا أحد أظلم منه، فكل ما يصدر منه كفر صغر أو كبر، لكنه وهو في قمة أو قمامة كفره إذا فطن إلى سوء نفسه، وزكاها بعد أن دساها، وفهم بأنه وُجد من موجد واحد يتحتم أن يوجد، فمرحبا به في سعة ربه يكرمه ويفرح به ويقبل عليه وكأنه لم يكفر به يوما، مهما طال كفره وفحشت معصيته، وإليكم من نوع تصحيح الإنسان لإنسانيته عندما يميل عنها، قصتان من وقائع عصر النبوة، أولاهما وقعت من عبد الله بن الزِبَعْرَى لما هرب يوم الفتح إلى نجران، وكان شاعرا حتى قيل إنه أشعر شعراء قريش، وسخر شعره في هجاء المسلمين، فبلغه ما قاله عنه حسان بن ثابت رضي الله عنه في هذين البيتين: _