والآن نسأل من يحكمون بغير حكم الله، هل بلغكم قول الله فيكم بثلاث آيات متعاقبات، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، كفر وظلم وفسق، فماذا بقي؟ فهل هذا الكلام نسخ أم نسي؟ أم أنه الإنسان والعصيان.
فيا أيها الإنسان، ما غرك بربك الكريم، ألأنه أكرمك، أم لأنه سواك فعدلك، حتى بعد أن أبيت ونأيت، لا زال يمهلك، ويدعوك عسى أن تفيق وتجيب، فعجل ولا تؤجل قبل أن تجتاحك الأيام.
يروي البخاري عن أبي موسى الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوما فقال: رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة فأدلجوا على مهلهم فنجوا، وكذبته طائفة فصبَّحهم الجيش فاجتاحهم"، فهل قبل فوات الأوان نجيب للنذير العريان؟ أرجو لي ولكم ذلك، ومعيننا هو الله وحده، ونختم بأبيات معدودة مرتبطة بالموضوع تحكى قصة أحد العصاة، وهي:
همس العليل وقال أكتب مابي
فلقد أضعت العمر بعد سراب
بدأت ذنوبي مذ بدأت شبابي
لما نسيت نهايتي وحسابي
وأقول للنصاح دعكم إنني
ما زلت لم أقطف زهور شبابي
فإذا بلغت الأربعين وعندها
سأتوب من ذنبي بخير متاب.
سأتوب عن ترك الصلاة وأصحَبْن
أهل الهداية من ذوي المحراب
وأتوب عن فحش الزنا وكذاك عن
شرب الخمور فلن تكون شرابي
وعن الوشاية حيث صارت بغيتي
فبها أزاول فرقة الأحباب
وكذاك عند الأربعين أكف عن
ما كنت أسرق من وراء الباب
فإذا شبعت من المجون فأرعوي
وأكون توَّا من أولي الألباب
وأعف عن فعل الفواحش كلها
وأفوز بالفردوس دون حساب
حتى إذا ما جاء ليل عابس
فيه بداية شقوقي وعذابي
مرض عضال عم كل جوارحي