١- أن الإجماع في نفسه حجة ودليل في إثبات الأحكام فلو توقف على سند لكان هذا السند هو الحجة، وحينئذ لا يكون للإجماع فائدة.
٢- لو توقف الإجماع على سند لما وقع بدونه، لكنه وقع فلا يكون السند شرطا في انعقاده، ومثلوا لذلك ببيع المعاطاة فإن العلماء اجمعوا على جوازه بلا دليل.
٣- إن العقل لا يمنع من انعقاد الإجماع عن توفيق وذلك بأن ويوفق الله تعالى أهل الإجماع في الأمة لاختيار ما هو الصواب عنده.
وذهب الأكثرون من علماء الأمة إلى الثاني. أي أن الإجماع لا ينعقد إلا عن مستند، لأن حق إنشاء الأحكام الشرعية لله ولرسوله، وليس لأهل الإجماع وقالوا: إن عدم الدليل يستلزم الخطأ في الأحكام لأن الدليل هو الطريق الموصل إلى الصواب.
قال الشيخ الخضري:"لا ينعقد الإجماع إلا عن مستند لأن الفتوى بدون المستند خطأ لكونه قولا في الدين بغير علم، والأمة معصومة عن الخطأ"[١٧] .
وقال الشيخ أبو زهرة:"لا بد للإجماع من سند لأن أهل الإجماع لا ينشئون الأحكام"[١٨] . وأجابوا عن أدلة البعض القائل بعدم حاجة الإجماع إلى سند ودليل بما يأتي.
١- لا نسلم عدم فائدة الإجماع مع الدليل. إذ الفائدة موجودة معه وهي سقوط البحث عن ذلك الدليل، والاكتفاء بالإجماع، وحرمة المخالفة الجائزة فيه قبل الإجماع.
٢- لا نسلم أن العلماء اجمعوا على صحة بيع المعاطاة بدون دليل وكل ما في الأمر أنهم لم ينقلوه اكتفاء بالإجماع إذ هو أقوى دلالة..
والذي أراه أن علماء الأمة إن اتفقوا على أمر من الأمور الدينية لا بد أن يكون حقا وصوابا لأن العادة تمنع اتفاقهم على شيء بدون دليل. وليس من الضروري لنا أن نعرف سند الإجماع عند المجمعين بل الواجب أن نأخذ بإجماعهم اعتمادا على ورعهم وعلمهم، لاعتقادنا بأنهم لا يجمعون إلا عن دليل.