للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢- المطلوب من المجتهد أن يحكم بالظاهر، عملا بقول الرسول الكريم عليه السلام "نحن نحكم بالظاهر" والإجماع المنقول ظاهر ظني فيكون حجة.

وإلى الثاني أعني عدم حجية الإجماع المنقول ذهب فريق من العلماء. قال الغزالي: "الإجماع لا يثبت بخبر الواحد خلافا لبعض الفقهاء، والسر فيه أن الإجماع دليل قاطع يحكم به على الكتاب والسنة المتواترة، وخبر الواحد لا يقطع به فكيف يثبت به قاطع وليس يستحيل التعبد به عقلا لو ورد كما ذكرنا في نسخ القرآن بخبر الواحد لكن لم يرد" [٧٢] ولكنه لم يقطع ببطلان العمل به حيث قال: "ولسنا نقطع ببطلان مذهب من يتمسك به في حق العمل خاصة" [٧٣] .

ويمكن تلخيص وجهة نظر القائلين بعدم الحجية بالآتي:

إن الإجماع المنقول بخبر الواحد لا يفيد العلم القاطع فلا يكون حجة. والقائلين بحجية يسلمون بعدم إفادته القطع بل الظن، ويقولون إن الظن يكفي في الأحكام الشرعية كالنصوص المنقولة بخبر الواحد فيكون حجة، ومنهم من يقول إن العمل بالظن الحاصل من الإجماع المنقول خارج عن أصالة حرمة العمل بالظن.

قال ابن قدامة: "ذهب قوم إلى أن الإجماع لا يثبت بخبر الواحد لأن الإجماع دليل قاطع يحكم به على الكاتب والسنة، وخبر الواحد لا يقطع به فكيف يثبت به المقطوع. وليس ذلك بصحيح فإن الظن متبع في الشرعيات والإجماع المنقول بطريق الآحاد يغلب على الظن فيكون ذلك دليلا كالنص المنقول بطريق الآحاد، وقولهم هو دليل قاطع، قلنا قول النبي عليه السلام أيضا دليل قاطع في حق من شافهه أو بلغه بالتواتر وإذا نقله الآحاد كان مظنونا وهو حجة فالإجماع كذلك بل هو أولى" [٧٤] .

خاتمة المبحث الأول

تنشر بين حين وآخر بعض الآراء التي يدعى فيها أصحابها إن الإجماع لم يعد ممكنا وأنه قد فقد قيمته التشريعية بعد عصر الصحابة رضوان الله عليهم ويبنون آراءهم هذه على أمرين: