للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاه} وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآب} .

ومن أجل ذلك كان كل رسول يفتتح دعوته بقوله لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} .

ومن هنا يعلم أن الإقرار بالربوبية لا يكفي في التوحيد لأن المشركين لم ينفعهم هذا الإقرار مع إشراكهم الأنداد لله في العبادة ولا أغنى عنهم من الله شيئا، وأن عبادتهم هي اعتقادهم فيهم أنهم ينفعون ويضرون وأنهم يقربونهم إلى الله زلفى {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وأنهم يشفعون لهم عند الله {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} فنحروا لهم النحائر وطافوا بهم ونذروا النذور عليهم وقاموا متذللين متواضعين في خدمتهم وسجدوا لهم ومع هذا كله فهم مقرون لله بالربوبية وأنه الخالق ولكنهم لما أشركوا في عبادته جعلهم مشركين ولم يعتد بإقرارهم هذا لأنه نافاه فعلهم فلم ينفعهم الإقرار بتوحيد الربوبية فمن شأن من أقر لله وحده بتوحيد الربوبية أن يفرده بتوحيد العبادة فإن لم يفعل ذلك فالإقرار الأول باطل وقد عرف المشركون ذلك وهم في طبقات النار فقالوا: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ

إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} مع أنهم لم يسووهم به من كل وجه ولا يجعلوهم خالقين ولا رازقين لكنهم علموا وهم في قعر جهنم أن خلطهم الإقرار بذرة من ذرات الإشراك في توحيد العبادة صيرهم كمن سوى بين الأصنام وبين رب الأنام.