وبناء عليه فالتوحيد المنجي من النار إنما يكون بالإقرار لله بالربوبية والعبودية والتفرد بصفات الكمال والعظمة والجلال وهذا يقتضي من العبد أن ينسب إليه جميع النعم {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} وأن يخصه بالعبادة والاستعانة والخوف والرجاء والمحبة والتوكل والإنابة فمن فعل شيئا من ذلك لمخلوق حي أو ميت أو جماد أو غيره فقد أشرك وصار من تفعل له هذه الأمور إلها لعابديه سواء أكان ملكا أم نبيا أم وليا أم شجرا أم قبرا أم جنا أم حيا أم ميتا وصار العابد بهذه العبادة عابد لذلك المخلوق مشركا بالله.
وخلاصة القول في التوحيد أن يحقق العبد كلمة "لا إله إلا الله"وتحقيق هذه الكلمة ألا يعبد بجميع أنواع العبادة إلا الله فلا يخاف سواه، ولا يرجى سواه ولا يتوكل إلا عليه ولا يرغب إلا إليه ولا يرهب إلا منه، ولا يحلف إلا به ولا ينذر إلا له ولا يناب إلا إليه، ولا يطاع إلا أمره ولا يحتسب إلا به، ولا يستعان في الشدائد إلا به ولا يلتجأ إلا إليه، ولا يسجد إلا له، ولا يذبح إلا له وباسمه.
فضائل التوحيد
١- إن التوحيد يحرر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم وخوفهم ورجائهم والعمل لأجلهم وهذا هو العز الحقيقي والشرف العالي. {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} .
٢- إن التوحيد إذا تم وكمل في القلب وتحقق تحققا كاملا بالإخلاص التام فإنه يصيِّر القليل من عمل العبد كثيرا ويضاعف أعماله وأقواله بغير حصر ولا حساب فعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال موسى يا رب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهم غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله الله" رواه ابن حبان والحاكم.