ويجب أن يكون للإشراف الاجتماعي والرياضي دوره الفعال في الاستعلاء بالغريزة الجنسية عندهم، وقد حذّر القابسي الفقيه السني من خطورة الاختلاط بين الطلبة بقوله:"وإنه لينبغي للمعلم أن يحرس بعضهم من بعض، إذا كان فيهم من يخشى فساده، يناهز الاحتلام، أو يكون له جرأة".
وهو أسلوب وجيز العبارة، لطيف الإشارة، يدل على عفة في نفس المؤلف، تحمله على الابتعاد عن الإطالة في مواطن الفحشاء والمنكر [١٥] .
والإعلاء بالغريزة الجنسية والتسامي بها يأتي من استغراق الجهد واستنفاذ الطاقة وتحويلها إلى عمل نافع للفرد والمجتمع، وليكن قول الله رائدنا {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[١٦] .
فالعبادة - وبخاصة الصوم - وقاية للمؤمن؛ فهي تملأ قلبه بالطمأنينة، وتذهب عنه وساوس الشيطان؛ إذ يتيقن أن ما يفعله هو استجابة لأمر الرحمن حين يقول:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[١٧] .
وبهذا الأسلوب تنتصر الإرادة على الهوى، والإنسانية على الحيوانية، وإن لنا في قصة يوسف لعبرة.
تربية الدعاة:
ولتخريج الدعاة إلى الله يستلزم الأمر تهيئة بيئة إسلامية سليمة يعيش العاملون فيها ونفوسهم مفعمة بحبّ الرحمن، الذي خلق الإنسان علمه البيان، وقلوبهم مؤمنة بخلود رسالة الإسلام وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
يجب أن تكون عقيدة المعلم والمتعلم مبنية على التوحيد لله رب العالمين، وفهم القرآن فهما دقيقا؛ فعلى الإنسان أن يعيش مع آياته الكريمة حتى يكون خلقه القرآن، فهو الكتاب الوحيد الذي يرافقه في رحلته طيلة حياته، يحل به كل مشكلة، وينتصر به على كل معارضة، ويفوز به في الدنيا والآخرة، إنه مفتاح السعادة وباب الرحمة.