ويجب أن تدرّس السنة المحمدية؛ فبها ينتظم المجتمع على أسس قويمة، فهي تزكية للنفوس الإنسانية، وهي هادية لفهم الآيات السماوية، إنها الوحي الثاني من رب البرية.
وأن يهتم الدارسون بالكشف عن جوانب العظمة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلاحية هذه الشخصية الكريمة لتكون قدوة لجميع الأجيال، وأسوة حسنة لجميع طبقاتها وأفرادها؛ إنها الشخصية التي لا تسعد البشرية ولا تتزن الحياة ولا يقوم المجتمع الصالح إلا بالاقتداء بها واتخاذها إماما ورائدا [١٨] ، ويتفرع من هذين الأصلين الثابتين كتاب الله وسنة رسوله علوم الدنيا والدين.
فلننظر مثلا في فرع كالشريعة الإسلامية، ولنطبق ما فيها من حكمة بالغة ومقاصد نبيلة، مع مراعاة تطور العصر الحديث، وما جدّ فيه من نظريات وأفكار شملت الحياة بأسرها، وتناولت العلوم كلها.
ولنأخذ بعين الاعتبار أن تكون علوم اللغة العربية أدوات لمعرفة ما في هذين المصدرين من كنوز وضعها الله لعباده؛ رحمة بهم وجعلها خيرا وشفاء لما في صدورهم.
وكما نعلم أن كتاب الله لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها؛ فعلوم البشر النظرية أو العقلية ضئيلة، وهي مستمدة من علم الله الذي لا حدود له، ولا يمكن الإحاطة به، فلنتخذ القرآن سراجنا إلى السعادة.
فالله يرشد عباده في كثير من آياته إلى الحياة الاجتماعية الفاضلة؛ فيحثهم على الزواج وينفرهم من الزنا، وينظم الحياة الأسرية على المحبة والمودة المتبادلة والأواصر المتينة المبنية على أسس سليمة، ولا قيمة للعبادات إذا لم تكن لصالح الجماعات المحتاجة إلى الإعانات، كما في قوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[١٩] .