فالصلاة - وهي الركن الركين في الإسلام - عبادة الغرض منها معرفة الله، وذكره في كل وقت، ودوام الذكر هو السبيل إلى يقظة الضمير، لهذا السبب نصّ الفقهاء على وجوب انصراف المرء في الصلاة إلى ذكر الله، مع عدم الانشغال بأي أمر من أمور الدنيا، والصلاة المفروضة على المسلمين يؤدونها في خمسة أوقات متفرقة من كل يوم لدوام الذكر [٢٦] ، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[٢٧] .
ولا تصح الصلاة بغير وضوء؛ لأنه شرط للصلاة، والوضوء غسل وطهارة ونظافة، والنظافة من الفضائل الشخصية العظيمة الأثر في الصحة، كما تنتقل فائدتها إلى النفس فتطهرها، ذلك أن الشعور بالنظافة الظاهرة يهيئ الإنسان إلى النظر في المعاني بنفس الأسلوب؛ فيعف اللسان ويطهر الفكر، فالإنسان مطالب بطهارة الجسم كما هو مطالب بطهارة القلب والنفس، لذلك ينبغي أن يكون صادقا عفيفا، أمينا، حافظا للعهد [٢٨] .
وأسلوب القرآن حكيم في الترغيب في الدين والترهيب من الخروج على مبادئ الإسلام والمسلمين؛ لعلمه سبحانه بالطبيعة الإنسانية التي فيها التفكير والتدبير، وفيها المحبة والكراهية، وسلوك الفرد يتحرك بدافع من الرأي والنظر، ويتحرك بقوة الخوف والغضب، وقد وصف الله الجنة في محكم آياته ليكون الناس على بصر بما يلقون من ثواب هو النعيم الذي إليه يشتاقون، وفي نفس الوقت صور الجحيم وما فيها من عذاب أليم ليكون المجرمون على علم بما ينتظرهم يوم الدين.
وهكذا يرسم الدين الإسلامي للناس قواعد التربية السليمة التي ينبغي أن يسيروا عليها، ولن يضل الناس طالما تمسكوا بالقرآن والسنة على الرغم مما يسود العالم من فساد رأي يدعى بالحرية، ووقاحة فكر تنعت بالجرأة، وفلسفة مادية ملحدة تحاول تفسير كل شيء على هواها، إنها مضللة مفسدة.