للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الدين الإسلامي ينظم أفعال المرء مع نفسه، وأفعال المرء مع غيره، فالله سبحانه ينصح الإنسان بالاقتصاد في المال، كما يقتصد في تناول الطعام والشراب لصلاح حاله وصلاح جسده، فيقول: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْط} [٢٩] ، ويقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [٣٠] ، هذه فضيلة الوسط بين الإفراط والتفريط التي لا تتلاءم مع الحياة الواقعية.

ويرى جولد زيهر: "أنه إذا أردنا الإنصاف ينبغي أن نؤمن أن في مذهب الإسلام قوة صالحة توجه الإنسان نحو الخير، وأن الحياة المتفقة مع التعاليم الإسلامية حياة أخلاقية لا غبار عليها، ذلك أنها تتطلب الرحمة نحو جميع مخلوقات الله، والوفاء بالعهود، والمحبة والإخلاص، وكفّ غرائز الأنانية" [٣١] .

فالإسلام شريعة سمحة تدعو الإنسان إلى الخير والرحمة، وتحثه على الإخلاص والمحبة، وتقضي على الأنانية التي هي آفة البشرية.

وإذا كان أصحاب الكهف مثلا للشباب المستبصر الذي لم تطمس ظلمات الكفر في بيئته شعاع فطرته، ولم تشب أوضاع الضلال صفاء استقامته فإن المجتمع الإسلامي لا يترك شبابه لهذه المعاناة، ولا يعرضهم لهول هذه المحن، فهو مجتمع يقوم على الإيمان بالله وتحقيق شريعته، ومن هنا فهو حريص على أن يحمي ناشئته من الفتنة، ويقيهم سبل الضلال والغواية، فلا يكل توجيههم إلى قلوب مريضة، ولا يترك زمامهم بأيد ملوثة، بل يوفر لكل ناشئ فيه جوا صالحا تزكو فيه الفطرة وتتفتح أزهارها.

فأئمة الضلال حين يتولون التوجيه والتنشئة يصبغون الأجيال بصبغتهم، ويوجهون بها إلى طريقهم؛ فيضل المجتمع ويشقى [٣٢] ، وهذا مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" [٣٣] .