وهذا ما نلاحظه في كتاب الدكتور عبد الحليم محمود (الحمد لله هذه حياتي) فهو في هذا الكتاب الذي يعدّ من قبيل الكتابة الذاتية لا يذكر شيئا يعيبه، لا في خلقته ولا في خلقه وسلوكه، ولا في حياته في داخل مصر وخارجها، وحتى الأحداث التي ذكرها وبدا فيها عيب لم ينتبه الشيخ إليه حين ذكره، وظن أن في ذكره نوعا من الظرف أو التظرف، وشيئا من الدعابة التي يمتع بها القارئ، ويسري بها عن الفارق في الاطلاع على تاريخ حياة الشيخ وما جرى فيه من أحداث كلها طيبة في رأيه بدرجة جعلته يحمد الله على حدوثها في الصورة التي حدثت بها.
وفي رأيي أن شيخ الجامع الأزهر كان ينبغي عليه أن يعف عن مثل هذه الكتابات الذاتية التي لا تحمل غير معنى الدعاية لنفسه، والتباهي بماضيه وحاضره، وأن يستعمل قلمه ومواهبه في الدعوة إلى دين الله، وفي إرشاد الحيارى الضالين من أبناء المسلمين، وفي محاربة الفساد والانحراف، وفي إخراس صوت الشيوعيين، وفي دعوة الناس إلى عبادة الله إله واحد لا شريك له وترك عبادة غير الله.
ولكن شيخ الأزهر آثر أن يدعو لنفسه، ويعرف بشخصيته ويظهر نفسه في صورة لم يكن يتمنى لنفسه أفضل منها، ويتحدث عن فرنسا حديثا يشبه ما كتبه طه حسين في كتابه (الأيام) ، وما كتبه كل مبهور بالغرب، مشيد بما فيه من حضارة مادية زائفة، ممسك عن الحديث عن الإلحاد والفساد الخلقي ومحاربة للإسلام والحضارة الإسلامية، وتلفيق الأباطيل والإلقاء بها في ساحة الشريعة الإسلامية الغراء - برغم أن شيخ الجامع الأزهر كتب ما كتب ونشره على الناس في كتابه (الحمد لله هذه حياتي) وهو في موقع المسئولية مسئولية حمل أمانة الدعوة إلى دين الله، وردّ كيد أعدائه وبيان حقيقة الإسلام، وحاجة البشرية إلى دين الحق.
وسأعرض نماذج مما جاء في كتاب شيخ الجامع الأزهر أرجو أن تكون كافية لبيان ما فيه وبالله التوفيق.