يقول الشيخ في كتابه المذكور ص ٣٩:"كان يوما مشهودا ذلك اليوم الذي ختمت فيه القرآن الكريم، لقد كان والدي في فرح غامر، وكان البيت كله في بهجة وسرور شاملين، وكانت حفلة حافلة بأطايب اللحم والزبد، ختمت بالذكر شكرا لله تعالى".
ويقول في ص ١١٣ حين ذهب لأداء امتحان العالمية:"أما والدي فإنه قد أسرع إلى ضريح العارف بالله الإمام أحمد الدرديري، واعتكف بمنزله بمسجده يقرأ من القرآن ما تيسر وبخاصة سورة يسن، ويتضرع إلى الله أن يوفقني ويكتب لي النجاح".
فهو في أكثر من مناسبة يبين تعلقه بالفرق الصوفية وبالأضرحة، وهو يعلم علم اليقين أن الفرق الصوفية روّجت كثيرا من البدع والخرافات، ونشرت التواكل بين كثير من المسلمين، وصرفتهم عن العمل الجاد الذي دعا إليه الدين، كما يعلم الشيخ أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد وبناء المساجد عليها.
والعجيب أن الشيخ يقرر بعد هذا أنه هو الذي صمّم على السفر إلى فرنسا برغم معارضة والده في هذا الأمر، فهو يقول في ص ١١٣-١١٤ من الكتاب:"كان والدي -عليه رحمة الله - يحب أن يراني مدرسا بالأزهر، لقد كان ذلك يسعده كل السعادة، ولكنه فوجئ برغبتي الملحة في السفر إلى فرنسا لإتمام دراستي في جامعاتها، إنه لم يكن يتوقع ذلك، ولا يدور شيء منه في خلده، وأخذ يثنيني عن عزمي بشتى الوسائل، ولكن محاولاته لم تفلح، وأعلنت في عزم مصمم التمسك برأيي في السفر، ولو لم يكن بيدي شيء من المال، وأخيرا رضي والدي بعد لأي".