ثم يصف الشيخ نزوله إلى مارسيليا بفرنسا فيقول في ص ١١٧-١١٩ "ويبدو أن الوقت الذي نزلنا فيه كان وقت انصراف العمال للغداء؛ لقد رأيت السرعة في كل اتجاه، ونشاط الحركة في كل ناحية، ورأيت النساء والفتيات وكأنهن يقفزن في سير من السرعة، كما كن يتحدثن في سرعة أيضا، وهن فرحات مستبشرات سعيدات يضحكن في سرور وبشاشة، ولست أدري لماذا وردت على ذهني صور من الشعر العربي تصور الجمال في النساء العربيات، وثب إلى ذاكرتي قول ذلك الشاعر الذي يعبر عن المثل الأعلى في جمال المرأة بقوله:(مشي القطاة ونطقها إيماء) ؟؛ إن المرأة هنا لا تمشي مشي القطاة، وليس نطقها - كما يقول الشاعر - إيماء، فأين إذن نؤوم الضحى؟ ".
ثم يقول الشيخ:"ورأيت في مارسيليا أمرا آخر نحن أشدّ ما نكون حاجة إلى الانتباه له، وإلى الالتزام به؛ لأنه من شُعَب الإيمان، ذلك هو النظافة؛ نظافة الشوارع، ونظافة المحال ونظافة الناس جميعا ذكورا وإناثا، صغارا وكبارا، وتجتمع النظافة مع التنسيق والتناسق، فيبدو الجو كله فتنة للناظرين ".
هذا ما كتبه شيخ الجامع الأزهر بالحرف الواحد، وهو غني عن التعليق؛ فتمجيده للغرب واضح، وكأن الأمر نظافة ظاهرية شكلية، أما نظافة الباطن وطهارة العقيدة وعدم الإضرار بالشعوب الإسلامية والإساءة إلى الإسلام من جانب الغرب فكل هذه الأمور لا تهم الشيخ ولا تلفت نظره في البداية، وإنما الذي لفت نظره فور وصوله الجمال والنظافة الظاهرية.
ومن عجب أن الشيخ بعد حديثه بإعجاب عن هذه النظافة الظاهرية يقول:"ولكن الأمر الهام الذي أحب أن يتنبه إليه الجميع ويفكروا فيه هو أننا - وكنا مجموعة قضى بعضنا سنوات في فرنسا من قبل - بمجرد أن نزلنا إلى مارسيليا وأخذنا نطوف هنا وهناك ننظر إلى واجهات المحال التجارية وإذا ببعضنا يصل وبسرعة إلى إقامة علاقات ببعض الفتيات".