للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يبقى معنا بعد ذلك لنوفيّ البحث في علماء القرن الثالث الهجري سوى ملاحظات عابرة نثرها الإمام النحوي المبرّد المتوفى سنة ٢٨٥هـ في كتابه الكامل.

وقد عرض في كتابه هذا نماذج شعرية ونثرية كثيرة متّبعا لها بالشرح اللغوي، ومشيرا أحيانا إلى ما فيها من التفات أو إطناب أو تقديم أو تأخير، وأحيانا يذكر كلمة المجاز ولكن بالمعنى اللغوي، ولعلّ أعظم ما خلفه للبلاغيين للسّير على هديه هو ما وضّحه لهم بشأن الكلام وتنوّعه، ذلك أن الفيلسوف الكندي قال له يوما: إنّي أجد في كلام العرب حشوا؛ يقولون: (عبد الله قائم) و (إنّ عبد الله قائم) و (إنّ عبد الله لقائم) والمعنى واحد! فأجابه المبرّد قائلا: بل المعاني مختلفة؛ (فعبد الله قائم) إخبار عن قيامه، و (إن عبد الله قائم) جواب عن سؤال سائل، و (إن عبد الله لقائم) جواب عن إنكار منكر.

وقد كانت هذه الإجابة سببا في بحث البلاغيين لباب من أبواب علم المعاني سمّوه أضرب الخبر، وسمّوا الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبيا والثالث إنكاريا.

هذا ما يسّره الله مع ضيق الوقت وقلّة المراجع، ونعتذر للقارئ الكريم! وللبحث بقية إن شاء الله تعالى. وبالله التوفيق.


[١] سورة البقرة ٢٣،٢٤.
[٢] سورة هود ١٣.
[٣] سورة الإسراء ٨٨.
[٤] كتاب الإيمان.
[٥] كتاب الحيوان جـ٤ ص ٢٢.
[٦] كتاب الحيوان جـ٤ ص ٣٩.
[٧] كتاب الحيوان جـ٥ ص ٢٣ وما بعدها.
[٨] كتاب الحيوان جـ٥ ص ٣٢.
[٩] البلاغة تطور وتاريخ ص ٥٦.
[١٠] المرجع نفسه ص ٥٦.