ولقد ترك المغيرة القوم وقد اختلط عليهم الأمر وتشتت منهم الرأي وتنازع الهوى؛ فالسادة يودّون الإبقاء على أبّهة الحكم والسلطان والرئاسة، والعبيد سمعوا نداء الحرية التي ينزعون إليها، وعرفوا أنهم إن فاتتهم الفرصة المواتية على أيدي المسلمين اليوم فقلّ أن تعود.
ورأى القائد وذوو الرأي معه بوادر التمرّد تسري في جنبات جيشه، فأمر بالقيود والسلاسل فقيدت بها الجند وشدّت بها الرجال، وأنّى لمكره أن يدافع عن ديار؟!، وأنّى لمستعبد أن يدافع عن أوطانه، وليس له في هذا الوطن رأي مسموع ولا حق مصان ولا حياة كريمة؟!.
وما عرف الفرس أن القلوب إذا طويت على ضغن من طول الإذلال فقلّ أن تستجيب لنداء أو تحفّ لنجدة، وما غناء مَن قُيّد بالقيود وقُرِن في السلاسل في الدفاع عن الأوطان والذود عن الحمى؟!.