وبالرغم من أن فريقا آخر نسبه إلى العته والجنون, إلا أن هذا الفريق ما زال بعيدا عن فهم السر الذي قامت عليه تصرفات الحاكم, وتصرفات أسرته.
وفريق ثالث من المؤرخين وقف موقف المدافع عنه, وإذا عرفت أنّ على رأس هذا الفريق الدكتور (فلييب حتى) النصراني حيث يقول عن الحاكم العبيدي: "لقد اتهموه مدونو الأخبار من خصومه بغرابة الأطوار"، إذا عرفت هذا بطل عجبك؛ فأمثال (فلييب حتى) يفرحون بكل عامل فيه هدم للإسلام, ولكن العجب أن يتابع (فلييب حتى) مؤرخ حديث لامع, وهو الدكتور أحمد شلبي حيث يقول - مدافعا عن الحاكم -: "وقد كتب تاريخ الحاكم إثر وفاته, وقد عادت السلطة إلى من اضطهدهم الحاكم, أولئك الذين كان يهمهم أن يبرزوه معتوها أو مجنونا ليصرفوا الناس عن البحث عن قتلته, أو الكشف عما في القضية من أسرار", ولكن الدكتور شلبي إنما تابع في مقالته هذه الدكتور (حتى) جهلا منه بسوء مقصد الدكتور (حتى) , ولذلك قال الدكتور شلبي - في ختام كلمته –:"وقد فطن الدكتور (فلييب حتى) لموقف التاريخ من الحاكم".
ولكي نفهم هذا الحاكم العبيدي فهما أعمق يجب أن نرجع بعض الخطوات إلى الوراء.
تنسب الدولة العبيدية إلى مؤسسها (عبيد الله بن ميمون القداح) الذي ادعى الانتساب إلى إسماعيل بن جعفر الصادق من البيت الحسيني, ولقد استطاع عبيد الله أن يؤسس الدولة العبيدية في مكان ما من تونس, سماها (المهدية) في سنة ٢٩٧هـ, وخلفه القائم ثم المنصور فالمعز - الذي انتقل إلى مصر ٣٦٢هـ بعد أن أسس له قائده جوهر للصقلي القاهرة المعزية سنة ٩٦٩م, ولذلك يحاولون إقامة العيد الألفي لتأسيس القاهرة - ثم العزيز ثم الحاكم هذا.