للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا البيت في اعتقادهم أن المسلمين لم يأتوا للفتح ولكن للحصول على المغانم مقابل مساعدتهم في القضاء على لوذريق، وزحف لوذريق بجيشه سريعا واحتلّ قرطبة؛ ليحول بين المسلمين وبين الاستيلاء عليها؛ لأنها المفتاح الذي يسيطر على سهول الأندلس الجنوبية الشرقية، ويمكن لصاحبها من الاستقرار في البلاد.

وكان طارق بن زياد يريد فعلا الاستيلاء على قرطبة؛ فقد زحف على هذه المدينة بعد انتصاره في جنوب أسبانيا، وسلك الطريق المارّ بجزيرة طريف (الجزيرة الخضراء) ثم زحف شمالا بعد ذلك حتى اقترب من بحيرة الخندق التي يخترقها نهر صغير يسمى البرباط، وفي ذلك المكان مدينة صغيرة سمّاها المسلمون (بكة) ونسبوا إليها النهر الذي صار يعرف باسم وادي بكة، وحرف بعض المسلمين هذه التسمية إلى وادي لكة، وعند وادي بكة عرف طارق ابن زياد عن طريق عيونه أن لوذريق علم بنبأ الحملة الإسلامية وأنه وصل إلى قرطبة واستولى عليها، كما أنه تابع زحفه جنوبا واتخذ معسكره عند بلدة شذونة في سهل البرباط، وأنه صار بذلك على أهبة القتال، وذكرت بعض المراجع أن جيش القوط بقيادة لوذريق بلغ عدده مائة ألف مقاتل وضمّ عددا عظيما من الفرسان، ويرجح أن هذا العدد مبالغ فيه، وأدرك طارق بن زياد أن العدد الذي معه من جند المسلمين لا يكفي لقتال قوات لوذريق الهائلة؛ ولذا أرسل إلى موسى بن نصير يشرح له الموقف ويطلب إليه إرسال الإمدادات بسرعة، فأمدّه موسى بن نصير بحملة عددها خمسة آلاف مقاتل بقيادة طريف بن مالك الذي قاد أول حركة استطلاعية في أرض أسبانيا، ونقل هؤلاء الجنود مرّة واحدة على سفن الأسطول العربي إلى أسبانيا، ووصلت الإمدادات الإسلامية إلى طارق في اللحظة الحاسمة التي كان القوط على وشك شنّ الهجوم على المسلمين، وأعدّ طارق بن زياد قواته للمعركة، ثم وقف بين جنده خطيبا يحثّهم على الاستبسال في القتال، شأنه في ذلك شأن قادة الفتوح العربية الذين دأبوا على رفع روح