وأجاد لوذريق إخفاء قواته في تلك الجهة الوعرة حتى إن موسى بن نصير اضطرّ أن يتخلى عن خطته، وأن يطلب من طارق بن زياد الخروج من طليطلة وأن يلقاه في منتصف الطريق بين تلك العاصمة وماردة؛ لينقذ المسلمين إذا ما دهمهم خطر مفاجئ.
وسار طارق نحو مائة وخمسين ميلا، واتخذ مكانه في الجهات المعروفة باسم العرض بين التاجة ونهر التتار، وسار موسى بن نصير مع قواته في طريق روماني قديم يصل ماردة وسلمنقة، وبجوار نهر حمل اسمه فيما بعد، وهو نهر (فاموتا) أي نهر موسى، وذلك بعد أن اتخذ كل الاحتياطات حتى لا يؤخذ على غرة.
ولما وصلت القوات الإسلامية إلى منتصف الطريق السالف الذكر اعتقد لوذريق أن الوقت قد حان ليضرب ضربته الأخيرة، وأن المسلمين لن يجدوا من ينقذهم أو يبادر إلى مساعدتهم، وعند ناحية اسمها السواقي على مقربة من ثمامس شنّ لوذريق هجومه دون أن يدري أن موسى بن نصير قد اتخذ كل الوسائل ليحمي قواته ويجنبها الأخطار، ولذا صمد المسلمون لهجوم القوط وأنزلوا بهم خسائر فادحة، وقتلوا كثيرا منهم من بينهم لوذريق نفسه الذي قتله مروان بن موسى بن نصير، وصار الطريق إلى طليطلة مفتوحا أمام موسى بن نصير فسار حيث التقى بطارق بن زياد وقواته التي كانت قد غادرت تلك المدينة في سبيلها إلى مقابلته في عرض الطريق.