ويواصل الاستشراق بذل جهوده في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته؛ لأن المستشرقين لم يستطيعوا التخلّص من نزعاتهم الموروثة وأهوائهم المعادية للإسلام، بحيث لم يعد خافيا ما يبذله المستشرقون من جهود في محاربة الإسلام بالتشكيك في مصادره وتلفيق الأباطيل والإلقاء بها في ساحة الشريعة الغرّاء، ومحاولة إغراق المسلمين بالتيارات الفكرية المضلّلة، ومحاربة اللغة العربية التي نزل بها القرآن، ومساندة الدعوات المضلّلة التي قامت تحت راية الإسلام، واستغلال وسائل الإعلام في إفساد المسلمين بإبعادهم عن دينهم، والحرص على تضليل أبناء المسلمين الذين يتتلمذون عليهم.
فينبغي أن نبين خطر الاستشراق وجهوده وأهدافه في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته، ويجب أن نكشف الأسلحة التي يستعملها في حربه السافرة والخفية، والوسائل التي نتقي بها شره، ونردّ بها كيد أعداء الإسلام في نحورهم.
وهذا ما سأحاوله في هذا البحث وبالله التوفيق.
أولا: نشأة الاستشراق
يخطئ من يقول إن الاستشراق حركة علمية، لا هدف لها إلا دراسة التراث الشرقي في معتقداته وآدابه؛ لأن الاستشراق في الحقيقة والواقع خادم للاستعمار وأهدافه، وهو يتخذ من دراسة التراث الشرقي وسيلة لمحاربة الإسلام، والتشكيك في مصادره ليصرف المسلمين عن دينهم، فلا تتحقق لهم قوة ولا عزة، بل يظلون تابعين للغرب، مقلّدين كل ما في بلاده من ألوان الفساد والانحلال.