يا قوم إن الشيوعية في تقديرها لبعض الأمور وخاصة المعنوية منها أخطر من بعض فصائل الحيوان، وإن ادّعى معتنقوها سموّ إحساسهم ورِقَّة وجدانهم، وإن تباكوا على الإنسانية المعذّبة التي يدعون أنهم يريدون إسعادها، وتخليصها من نير الذل والاستعباد، وتحكم الإقطاع والاستغلال، وجموح رأس المال المستبد الذي لا يعرف رحمة ولا شفقة في نظرهم، إلى غير ذلك من العبارات الخادعة الخلابة التي يخدعون بها الشعوب، ويغشون بها الجماعات، حتى إذا ما وقعت في الفخ الذي نصبوه واحتواها الشرك الذي حاكوه ذاقت من الذل ألوانا يشيب لها الولدان وتضطرب لذكرها الأبدان.
أي سعادة في نظام يجعل إنكار الإله عقيدة، والتناحر بين الطبقات مبدأ، وإشاعة الهلع بين الأفراد طابعا، وخيانة الابن لأبيه والزوجة لزوجها بالتلصص عليهما سلوكا ومنهجا، ثم أي سعادة في هذا النظام الذي يسلب الفرد قسرا ما امتلك بحجة التأميم لصالح الدولة؛ لأنها هي التي يجب أن تملك وسائل الإنتاج ورأس المال، أليس ذلك قتلا لغريزة حب الاقتناء التي هي جزء من مقومات الإنسان التي تدفعه إلى العمل راضيا بما يجد من مشقة وعناء؟ ثم هذا الإنتاج الذي هو ثمار شقاء الطبقات الكادحة المحرومة إلى أين يذهب؟ ومن الذي في خيره ونعيمه يتقلب؟ أليست تلك الفئة الباغية الحاكمة التي تقبض على نواصي الأمور بقبضة من حديد، ولا ترى الشعوب إلا سوط الإرهاب تلوح به في الفضاء بدا ليفي والاستعباد لابسة قفازا من الحرير تخدع الشعوب بملمسه، وهي لا تعرف ما بداخله من ظلم وفساد وعتو واستبداد.