إنه لا تصح المقارنة بين نظام هذا طابعه وتلك المذكورة آنفا أهدافه وغاياته، وبين الإسلام الذي هو في أسمى درجات الرقي بين النظم الاجتماعية التي سعد بها بنو الإنسان؛ فلا استغلال فيه ولا عسر في العمل والإنتاج، إنما عن اقتناع وإيمان يعمل الإنسان في الإسلام؛ لأن له ثمرة ما يعمل، وهو مع ذلك يؤدي ما عليه من واجبات يسهم بها في بناء المجتمع الإسلامي السعيد الذي هو حلية نافعة في جسمه الكبير، وبهذا يعلن الإسلام بين بنيه ما استحق الحياة من عاش لنفسه فقط؛ فهو بذلك يحقق الخير لنفسه ولغيره، فالإسلام بذلك نظام محكم؛ فليس أنانية محضة كما هي الرأسمالية المستقلة، وليس حرمانا محضا كما هي الشيوعية الملحدة، بل هو وسط بين نقيضين؛ فحرّم الرّبا وحثّ على الإنفاق والصدقة بعد تأدية فرض الزكاة "لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع"، قال تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} .
فهل يداني هذا النظام قانون ما من القوانين التي تستنها الدول تخفيفا لآلام الفقراء والعاجزين؟ ثم هو لا يجرد الإنسان من الامتلاك بل جعل له ذلك الحق بشرط ألا يعتدي على حق غيره أو يسلبه ماله؛ فإن فعل ذلك فله في الدنيا خزي وعار وفضيحة ونكال، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ} .