للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفقهون حقيقة الرسالة، ويردون كل سوء يصيبهم إلى إتباعهم -في الظاهر- لرسول الله، فجاءت الآية ردا على تقولاتهم، وبيانا لمهمته صلى الله عليه وسلم بأنها التبليغ عن الله، مع تنزيهه عن كل ما ينسبه إليه أولئك الخراصون.

والبحث مع مثل المؤلف لا يقتضي الإسهاب في موضوع الجن، وجودهم وكونهم مكلفين وملزمين بإتباع الرسالات الإلهية. فذلك أمر مفروغ منه بحكم إيمانه بالكتاب والسنة، وإنما يكفي لإقناعه بالحق تذكيره بالنصوص الشاهدة له عملا بقوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢٤/٥١) وحسب المؤمن في ذلك قول ربه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (٥١/٥٦) ولا عبادة إلا بشرع، ولا شرع إلا بوحي، ولا وحي إلا برسول. وما أخال الأستاذ حفظه الله بعامد إلى الجدال في الأحاديث المتعلقة بالبحث لكونها من الآحاد، فذلك قول لا يقف أمام الحجة البينة من أعمال الصحابة في التبليغ عن رسول الله، وفي صحيح البخاري باب خاص في إجازة خبر الواحد لا يدع مجالا لمعترض يريد وجه الله.

٣- وقد بقيت ثمة هفوات صغيرة، ولكنها على ضآلتها مشوهة لجمال الكتاب رأينا أن نختم الكلام بالإشارة إليها رجاء أن يتداركها في الطبعات التالية فيكمل له الأجر من الله، والدعاء من عباده إن شاء الله.

ففي ص ١٤ من المقدمة. وأثناء تحديده لمهمة المفكر الشريف في إطار الإصرار الصارم على قولة الحق، يفاجئنا بهذا الكلام: (أما الصخب والكذب و.. فهي ليست من صفات من يحمل قلمه كصليب يسوع!..) فلا نتمالك أن نتساءل في أسى: وما شأن الصليب ويسوع في هذا المقام!.. وكيف سمح لقلمه أن يلتقط مثل هذا التعبير الدخيل المنافي لمعتقده الإسلامي!..