وفي ص ١٤٠ يقول (فكل من يدعو إلى القومية، وينكر وجود الله، هو حيوان في صورة إنسان!) وأنا أستميحه عذرا للدفاع عن حقوق الحيوان، الذي أفرط في إهانته عندما وضعه على مستوى الملحد المنكر لوجود خالقه.. فكيف؟.. وربنا يشهد للحيوان بارتفاعه عن مكانة أولئك المسوخ حين يقول:{إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}(٢٥/٤٤) ويستمر المؤلف في تسفيه هذا الضرب الحقير من شراذم الكفر حتى يقول: (فهو جاهل غبي مخلوق خطأ..) وأحسب الأستاذ يريد بذلك أنه مقلوب العقل مشوه الفطرة، إلا أن التعبير بكونه (مخلوقا خطأ) من الأشياء التي كنا نود أن يتنزه عنها مثل ذلك القلم المؤمن. لأن أقل ما يفهم منه نسبة الخطأ إلى الخالق في إيجاد هذا النوع من المخلوقات ومثله أبعد ما يكون عن قبول هذا المضمون، لأن خلقه تعالى هؤلاء الكفرة كخلقه الأفاعي والجردان، لا يخلو من حكمة تليق بجلاله سبحانه، فلو سلمت الحياة من هذه الآفات لقُتِلت حوافز البحث في الإنسان ولما كان ثمة ضرورة لإقامة المخابر والمصانع، والالآف من مظاهر المدنيات..
ولنختتم هذه الجولة بوقفة قصيرة حول كلمة صغيرة. ولكنها من حيث آثارها المجربة كبيرة.
لقد عني الأستاذ بالعبارة المشهورة (اختلاف أمتي رحمة) فأقر نسبتها إلى الرسول وجعل يؤكد بها يسر الإسلام، وتقديره لحرية الفكر والعقل. وما إلى ذلك [٤] . ولو هو قد رجع إلى ما كتبه المحققون حولها لبحث عن نص آخر من الكتاب أو السنة يدعم بها فكرته. ذلك لأن العبارة موضع (اختلاف) كثير، ولم يثبت لها سند متصل عن رسول الله.