يقول السخاوي في (المقاصد) عن بعض رواتها: جويبر هذا ضعيف جدا، والضحاك عن ابن عباس منقطع. ثم يقول: وعزاه الزركشي إلى كتاب الحجة لنصر المقدسي مرفوعا من غير بيان لسنده ولأصحابيه، وعزاه العراقي لآدم بن أبي إياس بدون بيان وبلفظ:(اختلاف أصحابي رحمة لأمتي) وهو مرسل ضعيف [٥] . وفي (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة) يعقب السيوطي على العبارة بقوله: هذا يدل على أن المراد اختلافهم في الأحكام. وقيل المراد اختلافهم في الحرف والصنائع) . وهذا أقرب إلى المعقول من تسويغ الاختلاف في كل شيء. لأن ذلك كناف لروح الإسلام الذي يحذر المسلمين الاختلاف وحسبنا في ذلك قوله تعالى:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(٣/١٠٥) وأي خير يرجى من الاختلاف بعد أن جعله الله في مقابل الرحمة إذ يقول سبحانه {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّك}(٨١-١١٨ و١١٩) ولعمر الحق لو أن الأستاذ استحضر في ذهنه ما يعلمه من واقع المسلمين وما يعانونه من دواهي الاختلاف، وما أدى إليه من تفرقهم حتى في العقائد، لم يأذن ليراعه بإثبات هذه الكلمة، ولتذكر أن موقف الإسلام من تقدير الفكر والعقل لا يعود إلى الاختلاف بل إلى التعاون على البر والتقوى، وبذل الوسع في إصابة الحق وإلتزام القول السديد، حسب توجيهات الكتاب المجيد.. ولا بأس بعد ذلك في تباين الفهوم، وتفاوت القُدَر، ففي هذا متسع للمواهب غير محدود.
وأخيرا.. لقد سبق أن ذيلت آخر صفحات (مجتمع الكراهية) بالكلمات التالية:
((.. في هذه النفثات حقائق ووثائق، ولكن أروع ما فيها هو صدقها وحرارتها.. فليجزك الله يا سعد عنا كل خير، وليغفر لك هفواتك التي لم ترد بها إلا الخير..)) .