للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك نقل عن الإمام مالك أنه قال بتعذيب المتهم لإجباره على الإقرار –استنادا للمصلحة المرسلة- وقد ثبت بالتحقيق أنه ليس رأيا للإمام مالك، وأن هناك رأيا لسحنون في هذا الموضوع لكنه حرف ونقل على هذا النحو، ثم حرف ونسب إلى الإمام مالك [١٣] .

هذا بعض عن جانب الإفراط.

٩- أما جانب التفريط: فقد ذهب إليه أولئك الذين رفضوا المصلحة نهائيا [١٤] ولأهمية هذا الحكم، ولسقوط كثير من حكام المسلمين في هذا الإثم نذكر شيئا من التفصيل، فنقول بعون الله:

. إن الرجوع إلى كتب المذهب تكشف خطأ نسبة هذا الرأي إلى مالك، بل تثبت عكس ذلك تماما فهو يقول ((لا أقيم الحد إلا أن يقر بذلك آمنا لا يخاف شيئا)) (المدونة –ج ٦. ص ٩٣ طبعة السعادة) .

. والذي يبدوا أن الرأي حرف عن سحنون! إذ قال: ((إن إقرار المتهم في حبس سلطان عادل إقرار صحيح)) لكن تفحص العبارة يفيد عكس التحريف الذي فهمت به، فهو يقيد صحة الإقرار بعدالة السلطان إن كان المتهم محبوسا.. مما يفاد منه أنه إذا كان ثمة إقرار لسجين في سجن سلطان غير عادل فلا قيمة له.. لأن السجن في مثل هذه الحالة يمثل لونا من الإكراه يشوب الإقرار ومن ثم يغدو مرفوضا، وإذا كان السجن يشكل وحده لونا من الإكراه. أفلا يشكله التعذيب؟!

. ويشير الإمام الشاطبي في الاعتصام (ج ٢ ص ٢٩٣، ٢٩٤- مطبعة المنار بمصر) إلى نفس الرأي السابق وينسبه إلى الإمام مالك ويشير إلى أن العذاب المقصود هو السجن، ونحسب أن الشاطبي بذلك نقل رأي سحنون على أنه رأي مالك فهو الذي رأى أن إقرار المتهم في حبس سلطان عادل يعتد به، وهو ما أشرنا إلى أنه يفيد عكس ما يقررون، ومع ذلك فقد أضاف الشاطبي إلى أن أصحاب مالك مضوا على الضرب لإمكان استخلاص الأموال من أيدي السراق والغصاب وأشار نقلا عن الغزالي إلى أن الإمام الشافعي لا يقول بذلك. (ص ٢٩٥ نفس المرجع) .