(الشعائر والنسك) لأن نصوص القرآن والسنة جاءت مفصلة لها ومبنية، فضلا عن أن أغلب أحكامها ليس له ظاهرة أو مصلحة واضحة لأنها أساسا جاءت اختبارا لمدى طاعة العبد، ويأخذ حكم العبادات ما جرى مجراها من حدود ومقدرات وسائر ما استأثر الله بعلم تفصيلات المصلحة فيه [٨] .
أ- المصلحة بين الإفراط والتفريط:
٦- تنازع التطرف المصلحة فالبعض قال بتقديمها على النصوص، والبعض قال برفضها.. ولكل وجهة هو موليها وتشير إلى الطرفين وحججها.
٧- أما الإفراط فيحمل لواءه نجم الدين الطوفي –الذي قيل إنه حنبلي لكن التحقيق أنه يميل إلى التشيع [٩]- وقد عرض لرأيه في معرض شرحه لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"[١٠] ، وقال إنه يرى الأدلة الشرعية تسعة عشر دليلا جعل في مقدمتها النص والإجماع واعتبرها أقواها، ولكنه عاد فقال إن المصلحة تتقدم النص والإجماع إذا تعارضت معه [١١] .
ولم يشأ نجم الدين الطوفي خلال عرضه الطويل أن يقدم مثلا واحدا لتعارض النص مع مصلحة حقيقية!
وبغض النظر عما ثار حول عقيدته، فإن رأيه يناقض بعضه بعضا، ويتهاتر أوله مع آخره حتى يسقط عن مستوى الاستدلال.. فإنه بعد أن صرح بتقدم النص والإجماع عاد فصرح بتقدم المصلحة على النص والإجماع، وهو وإن أجعل التعارض شرطا.. فإنه لم يستطع أن يقدم مثلا واحدا للتعارض!
فضلا عن أنه إذا تعارضت المصلحة مع النص.. فإنه يسقط الاستدلال بها إذ تغدو مصلحة ملغاة.. لا مرسلة ولا معتبرة!
٨- وقد نسب إلى الإمام مالك أنه قال إن المصلحة تخصص عام القرآن وتقيد مطلقه [١٢] ، وليس في أصول الإمام مالك ولا فقهه ما يؤيد ذلك.