للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحابة في ذلك لا يصدرون عن رأي مجرد أو هوى متبع، وإنما يصدرون عن القرآن الذي تلقوه، والنبي صلى الله عليه وسلم الذي تعلموا على يديه، ومسلكهم في هذا السبيل نقتدي به ونقتفي أثره عملا بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".

ولقد وقع البعض في خطأ كبير إذ ظنوا أن الصحابة كانوا يعملون المصلحة ولو صادمت النصوص.

(٤) أن النصوص كألفاظ وعبارات قد تتناهى، وحاجات الناس لا تتناهى والمصلحة كقياس –معنوي- إلى جوار القياس اللفظي تحقق الاتساع والشمول الذي يكفل مواجهة الحاجات المتجددة.

١٢- وهذه الحجج نفسها تتضمن الرد في نفس الوقت على حجج من رفضوا المصلحة، إذ قامت أغلب حججهم على افتراض خروج المصلحة عن دائرة النصوص والأحكام الشرعية، ومن ثم ظنوها حكما بالهوى، أو اعتبروها خروجا على الدين بعد إذ اكتمل، وهو ما رأيناه داحضا بعد أن بلغنا إلى اعتبار المصلحة لونا من القياس على روح النص ومبناه، فليس ثمة خروج فيها على النصوص..

أما قول الأولين إن انحياز المصلحة المرسلة إلى جانب الاعتبار ليس بأولى من انحيازها إلى جانب الإلغاء.. فمردود بأن هذا الانحياز راجع إلى أن ما تحققه المصلحة المرسلة يضاهي ما تحققه المصلحة المعتبرة، وأن المصلحة المرسلة تدور في فلك نفس المقاصد التي تدور فيها المصلحة المعتبرة.

ج- شروط المصلحة:

١٣- المصلحة عند الجمهور قائمة على أسس يصح أن تعد شرطا فهي:

(١) لا تصادم نصوصا ولا إجماعا.

وإلا كانت مصلحة ملغاة، لأن معنى إرسالها أن الشارع لم يلغها ولم يعتبرها.

(٢) أن تحقق أحد المصالح الخمس: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، أي أن تكون المصلحة من جنس هذه المصالح.

(٣) أن تكون حقيقية وعامة.

لأنها إن لم تكن حقيقية كانت وهما، والوهم لا ينبني عليه حكم شرعي.