وإن لم تكن عامة كانت خاصة، والأحكام في الشريعة لا توضع لفرد ولا لبعض وإنما هي للناس كافة بغير تفرقة.
وهذه الشروط في حقيقتها مستمدة من طبيعة المصلحة، ومن كونها دليلا شرعيا.
١٤- ولقد أضاف البعض إلى ذلك شروطا أخرى:
فقد نقل عن الشافعي أنه يشترط فيها أن تكون ((شبيهة بالمعتبرة)) .
ونقل عن الغزالي اشتراطه كونها ((ضرورية)) .
أما شرط الشافعي فهو في حقيقته الشرط الثاني الذي أشرنا إليه أن تكون من جنس المصالح التي جاء بها الشارع.. وبهذا تكون شبيهة بالمعتبرة.
وأما شرط الغزالي أن تكون المصلحة ضرورية [١٩] فإنه قد يشعر بحصر نطاق العمل بالمصلحة المرسلة على مرتبة الضروريات دون سائر المراتب الأخرى (الحاجيات والتحسينات) وذلك قد يصح إذا اقتصرنا على أحد مؤلفاته ((المستصفى)) لكن هذا الظن قد يتبدد إذا رجعنا إلى سائر مؤلفاته [٢٠] .
ولعل ما جاء بالمستصفى كان بيانا لما هو موضع اتفاق بين الجميع، إذ يعمل بالمصلحة الضرورية عند جميع الفقهاء بلا استثناء، وذلك في ظننا راجع إلى القاعدة الأصلية ((الضرورات تبيح المحظورات)) [٢١] .
كذلك قد يكون الغزالي في معرض بيان الترجيح بين مصلحة ضرورية وأخرى أوفى منها فهو يخص الضرورية بالعمل والتقديم..
ولقد يكون ما ضربه الغزالي مثلا دليلا على ذلك، فهو يضرب مثلا بحالة تترس الكفار ببعض المسلمين، فنحن إزاء مصلحتين: الحفاظ على حياة المسلمين الذين تترس بهم الكفار، ثم الحفاظ على الدين بهزيمة هؤلاء الكفار وفي مراتب المصالح تتقدم المصلحة الأخيرة على المصلحة الأولى لأنها ضرورية وقطعية (أي حقيقية) وكلية (أي عامة)[٢٢] .
ثالثا: ما نسب إلى الصحابة خطأ حول المصلحة:
١٥- تولى نجم الدين الطوفي كبر تقديم المصلحة على النصوص.